تقرير الأمم المتحدة عن العنف الطائفي في ولاية جونقلى بجنوب السودان يدعو لمحاكمة المسئولين
أطلقت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، أونميس، تقريرا عن العنف الطائفي في ولاية جونقلى في جنوب السودان الذي أودى بحياة مئات الأشخاص خلال عام 2011، وأوائل عام 2012. وقد أوصى التقرير بتفعيل لجنة التحقيق الحكومية في أزمة ولاية جونقلى على وجه السرعة. إلى التفاصيل:
التقرير الذي نشر في خمس وأربعين صفحة تحت عنوان أحداث العنف الطائفي في ولاية جونقلى يشمل نتائج التحقيقات المفصلة التي قامت بها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في أعمال العنف التي شهدتها الولاية وانتهاكات حقوق الإنسان، كما يقدم تسع توصيات لتفادي تفشي العنف على نطاق واسع في المستقبل.
وفي حوار مع إذاعة الأمم المتحدة، تحدث ريتشارد بينيت مدير شعبة حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، وممثل المفوضة السامية لحقوق الإنسان في البلاد، تحدث عن أعمال العنف الطائفي في ولاية جونقلى:
"توصف الاشتباكات في الغالب على أنها شكل من أشكال الاستيلاء على القطعان، وهجمات إنتقامية مضادة في الوقت ذاته لأنه يتم أخذ ألاف الأبقار في معظم الأحيان خلال هذه الغارات. ولكن مؤخرا، وتحديدا مع قرب نهاية العام الماضي، لاحظنا أن الأمر تجاوز الاستيلاء على الأبقار، فقد كانت هناك هجمات مباشرة، بما في ذلك على النساء والأطفال، مع استخدام خطاب الكراهية على أساس عرقي".
وقد أشار بينيت إلى صعوبة تحديد أعداد المتضررين من أعمال العنف نظرا لأن المنطقة التي وقعت فيها هذه الأعمال نائية للغاية، ولا يوجد بها أي طرق تقريبا، وتنشر فيها القرى على مسافات متباعدة، مما يشكل تحديا كبيرا. ولكنه أضاف:
"سجلنا مقتل ستمائة واثني عشر شخصا في سياق الهجمات على مستوطنات بشرية لقبيلة المورلي فيما بين الثالث والعشرين من ديسمبر 2011، والرابع من فبراير 2012، كما قتل مائتان وستة وسبعون شخصا نتيجة هجمات مضادة على قبيلتي اللونوير والدينكا في نفس الفترة. وهناك أيضا أكثر من ثلاثمائة مفقود، وعشرات الآلاف من النازحين، على الرغم من أن عددا من هؤلاء قد عادوا لمجتمعاتهم المحلية".
وتحدث مسئول حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة عن جهود الحكومة في مواجهة العنف الطائفي، مشيرا إلى عملية السلام التي أطلقتها على مستوى المجتمعات المحلية من خلال شيوخ القبائل، وإلى برنامج نزع سلاح المدنيين الذي وضعته الحكومة، مؤكدا على ضرورة أن يتم بطريقة سلمية تتجنب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان. كما ذكر أن الحكومة قد شكلت لجنة تحقيق على المستوى الرئاسي.
وأشاد بينيت بجهود الحكومة ولكنه أضاف أن نجاحها يتوقف على التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب، ومساءلة الجناة بما يردعهم عن اللجوء إلى العنف مستقبلا، وأن يتعامل المسئولون الكبار في الحكومة مع أحداث العنف بشكل جاد جدا، واعتبارها جرائم خطيرة جدا. وقال:
"هناك حاجة لتحقيق التنمية. فما لم يشعر المواطنون المعنيون، وخاصة الشباب أن هناك نوعا من المستقبل أمامهم، فقد يلجئون للسلاح. ومن ثم فمن المهم جدا توفير التعليم للبنات والأولاد، واتخاذ إجراءات لتوفير فرص العمل. كما يجب أن تكون هناك بنى تحتية، وإقامة طرق، وإقامة شبكة لاسلكية، وما إلى ذلك. ويتعين على الحكومة أن توفر الأمن بنفسها من خلال خدمة شرطة فعالة، حتى لا تشعر المجتمعات المحلية أن عليها أن تحمل السلاح لحماية انفسها، وأنه يمكنها الاعتماد على الحكومة بشكل أكبر في ذلك".
وكانت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان قد قامت بسلسلة دوريات جوية وبرية وفرت معلومات استخباراتية عن عمليات حشد للشبان المسلحين، وعن الدمار الذي لحق بالمدنيين العزل في جونقلى. كما قامت البعثة أيضا بنشر قوات إلى جانب وحدات الجيش الشعبي لتحرير السودان، وساعدت في إنقاذ حياة المواطنين في مقاطعة بيبور في شهري ديسمبر ويناير الماضيين.
وقد أشار التقرير أيضا إلى أن تأخر الجيش الشعبي لتحرير السودان في نشر وحداته على الرغم من التحذير المبكر من البعثة قد حال دون توفير الحماية الملائمة للمدنيين.
وحدد تقرير البعثة عددا من القيود التي تحد من قدرتها على الوفاء بشكل فعال بالولاية المنوطة بها في حماية المدنيين المعرضين لتهديد العنف الجسدي.