مفوضية اللاجئين وشركاؤها يعانون من نقص التمويل المخصص لعملياتهم في جنوب السودان
تسابق المفوضية العليا لشئون اللاجئين وشركاؤها العاملون في جنوب السودان الزمن، في عملية نقل الفارين من القتال الدائر في ولاية النيل الأزرق السودانية من منطقة الحدود بين السودان وجنوب السودان إلى مخيمات آمنة في جنوب السودان، يحصلون فيها على احتياجاتهم الأساسية. إلى التفاصيل:
بالآلاف يتوافد الفارون من القتال الدائر منذ أيلول/سبتمبر الماضي بين قوات الحكومة السودانية والمتمردين في ولاية النيل الأزرق بالسودان، متوجهين إلى المنطقة الحدودية بين السودان وجنوب السودان.
بعض هؤلاء الرجال والنساء والأطفال، تكبدوا عناء المسير لمدة أشهر، بعد فرارهم خوفا على حياتهم، لم يحملوا أية أمتعة، وليس معهم سوى الملابس التي تسترهم.
رحلة النازحين تأخذهم إلى مخيم يوسف بتيل، في منطقة أعالي النيل بجنوب السودان، والذي يعد الأحدث من بين ثلاثة مخيمات في المنطقة، وتقدر طاقته الاستيعابية بخمسة وثلاثين ألف شخص.
وتبذل المفوضية العليا لشئون اللاجئين وشركاؤها جهودا حثيثة للإسراع بنقل هؤلاء اللاجئين من المواقع المؤقتة في المنطقة الحدودية إلى المخيمات لأسباب أمنية، وأيضا، لأن المياه الصالحة للشرب في المنطقة على وشك النفاد. وتجري مفوضية اللاجئين عملية نقلهم بمعدل ألفين إلى ثلاثة ألاف شخص يوميا.
من هؤلاء الماسي أدب، الذي فر من قريته بولاية النيل الأزرق، مصطحبا زوجته الحامل، وأولادهما الأربعة، بعد هجوم على القرية في منتصف إحدى الليالي. ومخلفا كل شيء وراءه، فقد قطع الرحلة إلى جنوب السودان مع أسرته سيرا على الأقدام في نحو الشهر.
ورغم أنه لا يعرف المكان الذي وصل إليه، إلا أنه يبدو ممتنا لأنه على الأقل سيحصل على مأوى لأسرته، وبعض الطعام والشراب:
"حصلت حرب، وأنا تعبان جدا في الشارع، وأحمل أولادي على رأسي. عندي أربعة اطفال، وأحمل واحد على رأسي، وواحد على ظهري، جوعانين، ومتعبين في الشارع، ما عندنا ما نأكل، لنا شهر متعبين إلى أن وصلنا الحمد لله".
ومع تدفق المزيد من اللاجئين بما فاق التوقعات، فإن الوضع يتطور بسرعة منذرا بأزمة كيبرة، تجاهد معها الوكالات الإنسانية لتوفير الاحتياجات الأساسية للاجئين مثل الطعام والماء والمأوى والخدمات الطبية.
ففي منطقة أعالي النيل فقط، كان من المتوقع أن يصل عدد اللاجئين بسبب الصراع إلى خمسة وسبعين ألفا، ولكن هذا العدد تجاوز الآن مائة وخمسة ألاف لاجئ في المخيمات، وخمسة عشر ألفا آخرين قد يعبرون الحدود خلال الأيام المقبلة. وتتحدث إحدى اللاجئات عن العوامل التي دفعتهم إلى الفرار:
"فقدوا الكثير من أهلهم، ما جعلنا نأتي إلى هذا المكان مشكلة العطش والجوع ومرض الأطفال، جعلهم يأتون جريا إلى هذا المكان، فقدوا الكثير من أهلهم".
ويقول رئيس مكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين في منطقة أعالي النيل، فرد كوسيغ، إن المفوضية تبذل كل ما تستطيع من جهد لخدمة اللاجئين. ولكن الوضع ليس جيدا.
"يجب أن نقر بأن عملية الإجلاء ليست على أفضل ما تكون، إنها نوع من الإخلاء، دعونا نصفها كما هي. ولكن بالنسبة لنا، من المهم أن ننقل المواطنين في أقرب وقت ممكن لأن الظروف ليست جيدة حيث يوجدون".
وتؤكد منظمة أطباء بلا حدود على أهمية توفير المياه، مشيرة إلى موت الضعفاء من اللاجئين أثناء رحلتهم سيرا، نتيجة تعرضهم للجفاف الشديد الذي لا يمكن معه انقاذهم بالرعاية الطبية العاجلة.
ويتواصل البحث عن الماء المأمون الصالح للشرب في مخيم يوسف بتيل، فحتى الآن، تم حفر ثلاثة آبار من المتوقع أن توفر الماء الصالح للشرب لعشرين ألف لاجئ.
وبالنسبة للماسي أدب وأسرته، وللآلاف غيره، فإن الخيام التي توفرها المفوضية العليا لشئون اللاجئين تمثل البيت. ومن المقرر أن يتقاسم خمسمائة شخص اثنتي عشرة خيمة، على أن تكون الأولوية للنساء والأطفال والضعفاء. ورغم أن هذا الوضع ليس مثاليا، إلا أن اللاجئين يقولون إنه أفضل كثيرا مما عانوا منه.
ومع بداية فصل الأمطار، تقدر المفوضية العليا لشئون اللاجئين تكاليف الوفاء بالاحتياجات الفورية للاجئين بأربعين مليون دولار، بينما لم تتجاوز الاستجابة للنداء العاجل الذي تم إطلاقه للعمليات الإنسانية في جنوب السودان بقيمة مائة وأحد عشر مليون دولار أربعة وثلاثين مليونا فقط، تم بالفعل إنفاقها.
يشار إلى أن جنوب السودان يستضيف ألاف اللاجئين من شمال السودان، إضافة إلى استقباله للآلاف من أبنائه العائدين، بعد أن انفصال الجنوب عن السودان في تموز/يوليو الماضي.