اللاجئون السوريون في لبنان محطة انتظار مليئة بالمعاناة
تقع بلدة الفكيهة الجبلية الصغيرة في واحدة من أكثر المناطق النائية في وادي البقاع، وهي منطقة خصبة تمتد على طول الحدود الشرقية للبنان. كما أنها المنطقة الأقرب إلى سوريا، جارة لبنان المضطربة، مما يجعلها ملجأ طبيعياً للأسر السورية التي تبحث عن ملاذ من الاضطرابات في وطنهم.
إليكم هذا التقرير الذي يسلط الضوء على أحوال اللاجئين السورين في هذه البلدة.
تلال بلدة الفكيهة على الحدود اللبنانية السورية تستقبل سكانا جددا هذه الأيام جلهم من اللاجئين السوريين الذين فروا من الاضطرابات التي تشهدها مناطق عدة في بلدهم.
تقول أم كريم التي وصلت إلى هنا قبل بضعة أسابيع مع أطفالها السبعة إن قرارها بالفرار عبر الجبال جاء في لحظة خوف، عندما اندلعت الاضطرابات فجأة في حيها.
"أخذت أطفالي بسرعة وركضت. لم يكن لدينا وقت لأخذ أي شيء، ولا حتى أوراقنا الثبوتية، أتينا عبر الوديان حتى وصلنا إلى هنا."
ولم يستطع زوجها، وهو سائق سيارة أجرة، المغادرة مع بقية أفراد الأسرة، ولم تسمع أية أخبار منه منذ فرارهم.
تحاول أم كريم التكييف مع هذه الحياة الجديدة فقد قدمت لها إحدى العائلات المحلية غرفة للسكن، غرفة تفتقر للأثاث والتدفئة لتقيها وعائلتها صقيع تلك الرياح التي تهب من سفوح الجبال القريبة.
ليس هناك الكثير من الطعام أيضاً. وتشير أم كريم إلى زاوية فيها أطباق بلاستيكية قليلة تحتوي على أرز وعدس ومربى وغيرها من اللوازم الأساسية وتضيف:
"نحن نفتقد للكثير من الأشياء هنا، ولكن يمكننا التعايش مع الوضع، لم يكن هذا حالنا في سوريا، نشكر الله، نحاول مواجهة الموقف الآن ولكن من أصعب الأشياء هنا هي الحصول على الطعام والنوم واستخدام المرحاض".
يتزايد عدد السوريون الذين يعبرون الجبال في لبنان مما يشكل عبئا ثقيلا على المجتمعات الريفية التي عادة ما يكون لديها القليل من المخزون الغذائي في الأوقات العادية.
اغلب الأطفال من اللاجئين السوريين يلهون بألعابهم، على الرغم من أن الحكومة سهلت عملية التحاقهم بالمدارس المحلية ولكن هناك أطفالا اكبر سنا يضطرون للعمل لكسب المال لمساعدة عائلاتهم.
أميرة سيدة سورية فرت مع زوجها وطفلها عندما تعرضت قريتهم لإطلاق نار كثيف فالبنسبة لها وللكثيرين هنا فإن مهمة محاولة تدبر أمور العيش هي أكبر الهموم:
"هنا زوجي ليس لديه عمل. إننا نحصل على بعض المساعدة، مثل المواد الغذائية المعلبة. قدم بعض الأقارب لي الأثاث، ولكن قيمة الإيجار مرتفعة جدا، والمنزل رطب جدا. تمكنت من العثور على عمل لابني. إنه يكسب عشرة دولارات في اليوم، يساعدنا هذا المبلغ على دفع الإيجار لكن والده لا يزال بدون عمل".
أصبح لبنان بالنسبة للكثير من اللاجئين السوريين، صغارا وكبارا، محطة انتظار يعيشون فيها على أمل أن تكون عودتهم المحتملة إلى ديارهم قريبة.
تشير أحدث التقديرات إلى أن هناك ما يقرب من تسعة آلاف من السوريين النازحين في وادي البقاع حالياً. وإجمالاً، هناك أكثر من اثنين وعشرين ألف سوري يقيمون في لبنان، فعلى ألسنتهم يمكن سماع القصص التي تحكي قوة الثبات والصمود في وجه الخسائر والمعاناة وعدم اليقين.