تعليق: إتفاقية التعاون الإستراتيجي بين الهند وأفغانستان تزعج باكستان
صحيفة الشعب اليومية -الصادرة يوم 6 أكتوبر عام 2011- الصفحة رقم:03
إلتقى الوزير الهندي مان موهان سينغ،يوم 4 أكتوبر الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في العاصمة نيودلهي، حيث عقدا إتفاقية تعاون إستراتيجي بين البلدين. وبناء على الإتفاقية، سيقوم البلدان بتوسيع التعاون بينهما في المجال السياسي والأمني والإقتصادي والتجاري والتعليمي والثقافي والتواصل الشعبي.
وأفادت وسائل الإعلام الهندية في الخامس من سبتمبر أن مسؤولي البلدين قد أجروا حوارات معمقة بشأن مسألة مكافحة الإرهاب. و بعد اللقاء، أعرب سينغ عن أن الهند ستعمل جاهدة من أجل مساعدة أفغانستان على إعادة الإعمار وعلى تحقيق تعافي إقتصادي. كما ستعمل على دعم العلاقات الهندية الأفغانية من خلال رفع مستوى التبادل التجاري والإستثمار ونقل البضائع، إلى جانب مساعدة الإقتصاد الأفغاني على تحقيق إندماج أفضل في منظومة إقتصاد جنوب آسيا. من جانبه، أشار كرزاي إلى أن الإرهاب مازال يعد عدو البلدين في المنطقة، وتتطلب مكافحته مزيدا من التنسيق بين البلدين.
ووعد سينغ خلال زيارته لأفغانستان في مايو الماضي، أن الهند ستوفر مساعدات إقتصادية لأفغانستان بقيمة 500 مليون دولار خلال السنوات القليلة القادمة، وذلك في إطار مساعدة أفغانستان على إعادة الإعمار وعلى تحقيق تعافي إقتصادي. و أصبحت الهند منذ سنة 2002، أحد القوى الأساسية التي تقود عملية إعادة الإعمار في أفغانستان، و وصلت قيمة الإستثمارات الهندية في أفغانستان إلى حد الآن مليارين دولار، وتشمل أساسا مشاريع البنية التحتية على غرار مشاريع إنشاء الطرقات والطاقة والإتصالات.
وفي مجال التعاون الإستراتيجي، وافقت الهند أيضا على مواصلة مساعدة أفغانستان على تدريب وتجهيز الفرق الأمنية الوطنية بما في ذلك الشرطة الأفغانية، كما تعتزم زيادة عدد أعوان الأمن الأفغاني المتدربين في المراكز الهندية المعدّة للغرض. من جهة أخرى سيتم تحديد زيارات دورية متبادلة لمستشاري الأمن و وزيري الخارجية في البلدين، طما سيسعى البلدان إلى المحافظة على تواصل مكثف بخصوص أمن وإستقرار المنطقة.
ورغم أن الإتفاقية قد أشارت إلى" عدم إستهداف دولة ثالثة"، إلا أن أغلب التحاليل تشير إلى أن وجود باكستان على نفس القارب مع الهند و وأفعانستان، يزيد من توجس باكستان حيال التأثير الهندي المتزايد في الداخل الأفغاني، وخاصة على صعيد المسائل المتعلقة بالأمن القومي.
وقد علق المتحدث بإسم وزارة الدفاع الباكستانية عباس شاه على هذا الأمر قائلا: "إن التدخل الهندي المفرط في الشؤون الأفغانية، يعد في نظرنها تحركا لمحاصرة و احتواء باكستان. كما أن التقارب الهندي الأفغاني لايريحنا، لأننا نرى في ذلك إحتمالا لهجوم عسكري من الشرق وآخر من الغرب "
الأستاذ الزائر بمركز بحوث السياسات الهندية بارثا سارادي قال خلال لقاء صحفي، أن علاقات التعاون الإستراتيجي بين الهند وأفغانستان، حتما ستوسع نطاق تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وأن هذا الأمر يكتسي دلالة هامة بالنسبة لأمن المنطقة. لكن نظرا لأن الإتفاقية تأتي بعد توتر العلاقات الباكستانية الإفغانية على إثر إتهامات كرزاي العلنية لباكستان بالتهاون في مكافحة الإرهاب، فإنه من دون شك أن لدى أفغانستان نية في تأسيس علاقات تعاون مع الهند.
وخلال خطابه يوم 5 سبتمبر في نيودلهي إعتبر كرزاي باكستان بمثابة الأخت التوأم لأفغانستان، وأن الهند هي صديق جيد لبلاده. حيث قال: " إن إتفاقية الشراكة التي عقدتها أفغانستان مع صديقتها لايمكن أن تؤثر على علاقاتها مع أختها". ولاشك أن في ذلك محاولة من كرزاي لتهدئة خاطر باكستان جرّاء توجس هذه الأخيرة من إتفاقية التعاون الإستراتيجي بين بلاده والهند.
وتجدر الإشارة إلى أن علاقات باكستان مع أمريكا وأفغانستان قد شهدت تعثرا متواصلا خلال الفترة الأخيرة. حيث إتهم مسؤولون عسكريون أمريكيون رفيعوا المستوى جهاز المخابرات الباكستانية بدعم "شبكة حقاني " الناشطة في شمال وزيرستان. وقد قامت هذه المنظمة خلال الشهر الماضي بحصار مسلح للسفارة الأمريكية في أفغانستان دام 20 ساعة، ويعود تدهور العلاقات الباكستانية الأفغانية إلى إكتشاف المخابرات الأفغانية بأن قادة طالبان قد خططوا لعملية إغتيال الرئيس الأفغاني السابق رباني التي وقعت في 20 -9 ، في جنوب باكستان. وعلى إثر ذلك، صرح كرزاي أنه سيكثف من تعاونه مع أمريكا والدول الغربية والهند، وأنه سيحث باكستان على ممارسة مزيدا من الضغوط على طالبان باكستان.
وترى وسائل الإعلام الباكستانية أنه لايمكن الآن المعرفة بوضوح ما إذا كانت باكستان تمتلك قدرا من التأثير على طالبان أفغانستان و "شبكة حقاني" بعد سقوط حكومة طالبان في عام 2001. وتعتقد كل أمريكا وأفغانستان بأن باكستان لاتريد أن تدخل في قطيعة نهائية مع طالبان أفغانستان، وذلك لإستعمالها كورقة تأثير في الداخل الأفغاني بعد الإنسحاب الأمريكي، كما يعتقدان أنه إذا كان الجيش الباكستاني مازالت لديه هذه الأفكار، فإنها صادرة أساسا عن نيته في عرقلة أي سلطة أفغانية محالفة للهند ومعادية لباكستان.
إن عقد أفغانستان إتفاقية شراكة إستراتيجية تتعلق بالتعاون العسكري مع الهند يعد أمرا يكتسي حساسية بالغة بالنسبنة لباكستان، حيث تعتقد وسائل الإعلام الباكستانية، أن هذا التحرك يهدف إلى قيام الهند بملأ الفراغ العسكري الذي سينجم عن خروج القوات الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان.
من جانب آخر، صرحت الوكالة الهندية للأخبارالآسياوية يوم 5 أكتوبر، أن أمريكا قد رحبت بهذه الإتفاقية، لكنها تتمنى أن لا تلعب الهند دور الوسيط في عملية السلام بأفغانستان. و عبر نيولاند الناطق الرسمي بإسم الكونغرس الأمريكي أن أمريكا ترى في إستمرار آلية الحوار الثلاثي بين أمريكا وباكستان وأفغانستان مصلحة لجميع الأطراف.