اليونيسف تجاهد لتضميد جراح الأطفال في ليبيا
تعمل منظمة الأمم المتحدة للطفولة – يونيسف على إعداد وتحديد أطر عملية لتقديم مساعدة متخصصة لأطفال بنغازي في ليبيا من أجل تمكينهم من التغلب على المأساة التي تعرضوا لها إثر النزاع الأخير في البلاد. التفاصيل في التقرير التالي:
قد تكون الحرب قد انتهت في ليبيا، ولكن مقاتلي الثورة الذين شاركوا في معارك اعتقال القذافي الأخيرة في سرت يصلون إلى مستشفى الجلاء في بنغازي، وبعضهم ينقل إلى الأردن وبلدان أخرى لمزيد من العلاج.
مستشفى الجلاء كانت في حالة تأهب عالية، وبالرغم من العدد القليل من الموظفين منذ بدء الانتفاضة في شهر شباط /فبراير الماضي، إلا أنها قدمت العلاج للجرحى من المقاتلين والمدنيين والأطفال. وها هو عمر ذو الأربع سنوات يتمدد على السرير بالمستشفى بعد أن أحضرته عمته فطيمة إثر الحادث الكبير الذي فقد بسببه أباه وأختيه. فطيمة اضطرت لقطع ستمئة كيلومتر من سرت للوصول إلى المستشفى في بنغازي:
“هم أصلا كانوا في البيت، بما في ذلك عمر وشقيقتاه، ساجدة وإسراء، عندما بدأ المتمردون بإطلاق الصواريخ. فهرعوا إلى بيت آخر في حين كانت تحلق مروحيات الناتو، وعندما وصولوا إلى المنزل الآخر، ضربتهم مروحيات الناتو بصاروخين. والوالد والأختان تقطعوا لأشلاء، وتوفوا قبل وصولهم إلى المستشفى.”
وفيما تصف فطيمة الحادث المأساوي، تمسك بهاتفها الخلوي وتتأمل صورة ابنتي أخيها الراحل. فساجدة وإسراء، اللتان تبلغان من العمر سبع وثماني سنوات فقط كانتا ضحيتا نزاع الكبار، مع كثيرين آخرين من المدنيين الأبرياء. وتقول فطيمة إنها شهدت على الفظائع بحكم عملها كممرضة في أحد المستشفيات:
“عندما أحضروا لي عائلتي إلى المستشفى، كنت أعمل لتسعة أيام متتالية في المستشفى دون التمكن من الذهاب إلى البيت بسبب عدد الضحايا الكبير الذي يتوافد إلينا. وبعد أن استلمت عائلتي بقيت أعمل ستة عشر يوما آخر دون الذهاب إلى البيت”.
وفقط عندما أصبح المستشفى نفسه هدفا للصواريخ، غادرت فطيمة سرت وأحضرت ابن أخيها المصاب إلى مستشفى الجلاء في بنغازي.
وفي كثير من الأحيان في هذا الصراع، غالبا ما كان المدنيون ضحايا الصواريخ والرصاصات التي أطلقت من قبل الجانبين. والعديد منهم، مثل والد عمر وأختيه، توفوا قبل بلوغ المستشفى، كما يوضح الدكتور عماد محمد من مستشفى الجلاء في بنغازي:
“رأينا أطفالا كثيرين منذ بداية هذه الحرب، معظم إصاباتهم كانت في منطقتي الصدر والبطن. وكثيرون منهم يتوفون قبل الوصول إلينا.”
غير أن الأطفال الذين نجوا من الموت، لم يسلموا من صدمة فقدان أهلهم وأقاربهم. وعلى الرغم من أن عمر يتذكر الهجوم، إلا أن عمته فطيمة تقول إنه لا يدرك حتى الآن ما الذي حل به وبعائلته ولكن من المؤكد إن الحادثة ستؤثر عليه لبقية حياته.
وتعمل اليونيسف مع منظمة إنقاذ الطفولة لإقامة أربعة عشر فضاء صديقا للأطفال في بنغازي، خمسة منها في مخيمات المشردين داخليا، حيث يمكن للأطفال العودة إلى ما يشبه الحياة الطبيعية، بعيدا عن مشاهد وأصوات القتال.
أماندا ملفيل، من مكتب اليونيسيف بليبيا:
“يعاني الأطفال من مجموعة مختلفة من المشاكل، ترتبط معظمها بالشعور بالخوف، وعدم فهم ما يجري من حولهم، بعد أن تم إخراجهم من المدرسة لمثل هذا الوقت الطويل، بالإضافة إلى رؤية أفراد أسرتهم يقتلون، وبعد أن شهدوا أعمال العنف. ما نحاول القيام به، كخطوة أولى هو وضعهم في مكان آمن، والتأكد من أنهم بآمان ومن ثم نحاول قدر المستطاع إعادتهم إلى الحياة الطبيعية.”
وفيما يسدل الستار على الحرب في البلاد، تحتفل أجزاء كبيرة منها بمقتل القذافي والسيطرة على سرت. ولكن بالنسبة لآخرين، فقد جردتهم هذه الحرب من كل شيء.
وفيما تتحرك ليبيا نحو السلام الذي تمس الحاجة إليه، هناك جروح كثيرة لم تلتئم بعد. ومن خلال مداواة هذه الجروح وتحقيق السلام لجميع الليبيين – مقاتلين ومدنيين على حد سواء، يمكن للبلاد أن تتحرك إلى الأمام.