معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من خلال عيني آمنة صقر إحدى الموظفات بوكالة الأونروا في سوريا
تعمل آمنة صقر، المديرة الإقليمية لبرنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية في وكالة الأونروا بسوريا في ظل ظروف صعبة للغاية. فمعظم المبادرات التنموية الهادفة إلى تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، قد توقفت بعد الأزمة. وفي حوار مع الزميلة مي يعقوب تحدثت آمنة صقر عما تبقى من هذه المبادرات والصعوبات الجمة التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في سوريا:
قبل الأزمة كنّا ندير مؤسسات نسميها المؤسسات المعتمدة على المجتمع المحلي. هذه المؤسسات كانت تدار من قبل ممثلين من المجتمع. استراتجية هذه المؤسسات المجتمع يخدم المجتمع، المجتمع يقود المجتمع لوضع اقتصادي اجتماعي أفضل. كنّا في تلك المؤسسات التي تبلغ تقريبا ستة عشر برنامج للمرأة وسبع مراكز للأشخاص ذوي الإعاقة. كنا ندير عمليات تستهدف المرأة من أجل توعية المرأة تزويد المرأة بمهنة تستطيع من خلالها أن تجد عمل لكي تقوم على مساعدة أسرتها لتخطي الفقر أو لتقليل حدة الفقر. كنّا نقوم بالعمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة نزودهم بالأجهزة التعويضية. كنا نعمل مع الأطفال المصابين بالشلل الدماغي نقدم العلاج الفيزيائي، صفوف تعليمية خاصة، نعمل مع تمكين الأسرة من التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة لتخفيف حدة الإعاقة على المعاق نفسه والأسر. كنّا نعمل مع الأطفال من خلال رياض الأطفال، حيث أن رياض الأطفال في سوريا كانت إما خاصة وبالتالي غالية جدا وكنّا نفتح رياض أطفال من شأنها أن تساعد الأم العاملة على وضع طفلها في مكان آمن، يحضره للبدء بالمدرسة. كنا ندير عمليات من شأنها تقديم قروض، والهدف منها أن نساهم في تقليل الفقر ونساعد الأسر على تلبية احتياجاتهم وتخفيف حدة الفقر خاصة وأن الفئة المستهدفة من قبلنا تلك الأسر الفلسطينية المصنفة لدينا كفقيرة من قبل الباحث الاجتماعي الذي يقوم بدراسة الوضع الاقتصادي الاجتماعي للأسرة ويصنف الاسرة حسب المتغيرات والمعطيات التي من شأنها أن تدرس وتقدر من قبل الباحث الاجتماعي.
كنا نحول النساء التي تتعرض للعنف إلى مؤسسات من شأنها أن تخفف حدة العنف الذي تتعرض له المرأة، كنا نعمل على العنف المنزلي والدعم النفسي الاجتماعي للفئات الأقل حظا أو المهمشة. كل هذه البرامج الآن هي شبه متوقفة، متوقفة في المخيمات التي تم فيها تسكير تلك المؤسسات. نحن لي لدنا إمكانية العمل بشكل يومي وبشكل طبيعي في المخيمات التي أصبحت الآن تحت سيطرة قوى المعارضة، للأسف الشديد مازلنا نحاول، الأونروا لا تألو جهدا لخلق طرق للعمل والوصول إلى اللاجئين الفلسطينيين الأكثر حاجة. والأهمية بالنسبة إلينا هي الأولوية، والأولوية هي أن نلبي فئات الاحتياجات المتأثرة مباشرة.
لقد ذكرت صعوبة الوصول خاصة في ظل الوضع الراهن. كيف تخاطرون بحياتكم للتنقل بين المخيمات من يدعمكم إن كان أمنيا أو ماديا؟
سؤال مهما كثيرا. للحقيقة أن الأونروا تبعث يوميا برسائل أمنية للموظفين. هذه الرسائل تقول "إبقوا في المنازل لأن هناك قصف في المنطقة الفلانية، هناك اشتباكات في المنطقة". تخيلي أننا نتجاهل تلك الرسائل ونذهب إلى المؤسسات إلى مكاتبتنا لأنه إذا بقينا في البيت كما يقولون لنا، فلن تقدم الخدمات-- أكثر من سبع موظفين قتلوا أثناء ذهابهم إلى المكتب. أنا شخصيا كنت مع السائق عندما كنت عائدة من مكتبي إلى منزلي عندما حصل قتال بين الطرفين وكانت سيارتي أنا مع السائق في الوسط فنزل عشرات الرصاصات على السيارة وإحداها اخترقت الرصاص الأمامي ومرت من أمام صدري .. يعني القدر نجانا، الله نجانا في ذلك اليوم – أكثر من عشرات الموظفين تعرضوا للرصاص على نقاط التفتيش ومع ذلك نخاطر بحياتنا. كل موظف في الوكالة يخرج في الصباح من منزله ويمكن ألا يرجع! في كل الأماكن في سوريا، الخطر يحيط بالجميع، ليس لدينا أي وسيلة أخرى، الحماية الآن ليست سهلة مع أننا نطالب جميع الأطراف المتقاتلة ونقول إننا مؤسسة إنسانية، هدفنا تقديم خدمات إنسانية للاجئين المتأثرين، نحاول أن ننسق دائما ولكن الوضع يفرض نفسه، الوضع صعب كثيرا في سوريا، صراع مسلح من أعلى الدرجات ونحن نعاني منه. واللاجئين في سوريا موجودين في كل المناطق، متفرقين فبالتالي لا بد من الوصول إليهم والوكالة تخلق دائما أساليب تقلل من وضعنا في الخطر ومن وضع اللاجئين بالخطر، ولكن توصيل المساعدات النقدية والمساعدات الغذائية بالنسبة لنا من أهم ما نهدف إليه في الوقت الحالي.
تحدثت عن عملك في مجال تصنيف العائلات تلك التي تعتبر بوضع جيد وتلك التي تعاني من صعوبات مختلفة– ولكن الآن بعد الأزمة كيف أصبح التصنيف؟
قبل ما تبدأ الأزمة في سوريا كنا نقدم المساعدات إلى سبعة في المائة من اللاجئين، هؤلاء أفقر الفقراء. توضع دراسة اقتصادية اجتماعية تصنف هؤلاء، وبسبب محدودية المصادر، الأونروا تستطيع أن تزود مساعدات عينية ونقدية لسبعة بالمائة. الآن وأنا أدير هذه برنامج المساعدات الإنسانية، أكثر من 85 بالمائة من اللاجئين الفلسطينيين مسجلين لدي كفقراء. وتخيلي كم زاد علينا حجم العمل. هذه الأسر تركت المخيمات. فالفلسطينيين كانوا قد انشأوا حياتهم الاقتصادية والاجتماعية هناك، وأنشأوا تجارتهم الصغيرة ومحلاتهم والشغل الخاص بهم، جزء منهم موظف في الحكومة، حتى الموظف الحكومي بسبب التضخم وسعر الليرة السورية أمام الدولار وغلاء الأسعار أصبحت القوة الشرائية قليلة وبالتالي أصبحوا غير قادرين حتى على شراء الاحتياجات الأساسية. الجزء الثاني من اللاجئين الفلسطينيين يدير أعماله الخاصة داخل المخيمات، الآن المخيمات تشهد العنف المتزايد مما لا يسمح لهم بإدارة أعمالهم وبالتالي أصبح اللاجئين الفلسطينيين في الوقت الحالي في سوريا – الأغلبية- يعني أنا لا أبالغ عندما أقول خمسة وثمانين في المئة بلا أعمال وبلا بيوت.
سيدة أمنة ما هي الرسالة التي ترغبين بتوجيهها إلى المجتمع الدولي فيما يتعلق بالأزمة الفلسطينية؟
هناك مسألتان رئيسيتان أريد أن أركز عليهما بما يخص المجتمع الدولي ودور المجتمع الدولي الذي عليه أن يحمل مسؤوليات بالنسبة للشعب الفلسطيني في سوريا. إن الشعب الفلسطيني في سوريا يعاني أكثر لأنهم أصلا لاجئون. وهم يعانون الفقر ويعانون اللجوء منذ أربعة وستين عاما وما زالوا يعانون بسبب عدم حل مشكلتهم بشكل عادل وكلنا ننتظر حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بشكل عادل. مسؤولية المجتمع الدولي هي إيجاد طريقة لتحييد اللاجئين الفلسطينيين وجعل مخيماتهم آمنة وقادرة على إبقائهم موجودين آمنين، قادرين على أن يمارسوا حياتهم، بعيدين عن صراع هم ليسوا جزء منه. فاللاجئون الفلسطينيون قد زجّوا فيها صراعات هم ليسوا جزء منها.
هذا المجتمع الدولي يحمل مسؤولية، يمكن بطريقة أو بأخرى مع الفئات المتصارعة داخل سوريا لإيجاد طريقة لتحييد تلك المخيمات، تحييد الأمكنة ليس فقط الأفراد وإبعاد الصراع عنها لإبقاء اللاجئين الفلسطينيين مستقرين فيها التي بنونها خلال أربعة وستين عاما حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وإنشاء الله يكون العودة هي الحل العادل الذي نطمح له جميعنا.
الجزء الثاني الذي أريد أن أركز عليه هو مسؤولية المجتمع الدولي لتأمين المصادر الكافية لتلبية الاحتياجات لمباشرة للاجئين الفلسطينيين من أجل الإبقاء على حياتهم من غذاء ودواء وتعليم بدون مصادر كافية ترصد لهذه الخدمات الأساسية سيكون وضع الفلسطينيين صعبا جدا داخل سوريا.
سيدة أمنة صقر من مكتب الأونروا بسوريا شكرا جزيلا على هذا اللقاء.