منظمات المجتمع المدني تدعو لتعزيز دور الاونكتاد في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية وتدعو لإعادة التأكيد على اتفاق أكرا
شهد ثاني أيام الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الأونكتاد، نشاطا ملحوظا لمنظمات المجتمع المدني، التي عقدت منتدى امتدت أعماله طيلة اليوم. كما عقد مسئولو هذه المنظمات مؤتمرا صحفيا، أعربوا فيه عن القلق من المعارضة التي يواجهها عمل الأونكتاد الحيوي والاستشاري في الشؤون المالية والردود على الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. إلى التفاصيل:
في بيانها الذي أصدرته اليوم، أشارت منظمات المجتمع المدني إلى مخاوفها بشأن عمل الأونكتاد في مواجهة معارضة مجموعة من الدول، هي اليابان والولايات المتحدة وسويسرا وكندا وكوريا واستراليا ونيوزيلندا والنرويج، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وهي المعارضة التي دفعت هذه الدول إلى رفض التأكيد مجددا على ولاية الأونكتاد على النحو المتفق عليه في أكرا عام 2008. في حين تدعو منظمات المجتمع المدني الى إعادة التأكيد على اتفاق أكرا، خلال مؤتمر الأونكتاد بالدوحة.
وفي المؤتمر الصحفي لمنظمات المجتمع المدني، ذكر زياد عبد الصمد، المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، أن منظمات المجتمع المدني كانت قد حذرت من أن الأوضاع ستزداد تدهورا، والأزمة تفاقما ما لم تتم معالجة الأسباب المباشرة التي أدت إليها، مضيفا أن العالم يواجه أزمة لم يسبق لها مثيل من حيث ارتفاع نسبة المديونية إلى حدود لم تشهدها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى معدلات الفقر والبطالة، والتفاوتات الكبيرة بين الأغنياء والفقراء وبين الرجال والنساء وبين الأقوياء والأقل قوة. وقال:
"إن هذه التفاوتات تؤثر على الفرص المتاحة أمام المواطنين. بحيث أنها جاءت نتيجة لممارسات وسياسيات انعكست في منظومة قانونية تعزز أرباح العدد القليل من الشركات وتساهم في تهميش السواد الأعظم من المواطنين. يحتاج العالم إلى تغيير أساسي، فنحن نعيش في عالم مضطرب، سببه والعشرين في الخمس الأسفل يحصلون على اثنين في المائة فقط من المداخيل".
وأشار عبد الصمد إلى أن خمسين في المائة من انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون في العالم تتولد من نشاط ثلاثة عشرة في المائة من السكان، وتؤدي أنماط الانتاج والاستهلاك غير المستدامة إلى استنزاف سريع للموارد الطبيعية بما فيها المياه النظفية. وقال إن التفاوت يطال أيضا أوضاع المرأة التي تعاني من التمييز الدائم وممارسة العنف ضدها داخل الأسرة وخارجها، وخاصة المرأة الفقيرة. وقال:
"وعلى الرغم من الزيادة في النمو الاقتصادي والارتفاع السريع في معدلات التبادل التجاري، تضاعف عدد الفقراء والعاطلين عن العمل والمهمشين من الذين لا تصلهم الخدمات الأساسية كالغذاء والصحة والتعليم. ذلك يعني أن النموذج التنموي المعتمد والذي يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي لن يؤدي إلى النتائج المرجوة فيما لو لم يتم وضع الأسس القانونية التي ترتكز إلى مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتي تأخذ في الاعتبار وبشكل أساسي الحق في التنمية والحق في العمل والحق في العيش بكرامة فضلا عن الحقوق الأساسية الأخرى، كالحق في الغذاء والتعليم والطبابة والمياه النظيفة والسكن، إلى آخره".
كما ذكر المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية أن الحرمان الاقتصادي والاجتماعي المترافق مع قمع الحريات يؤدي إلى اضطرابات سياسية تهدد الأمن بشكل عام والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بشكل خاص. ودلل على حديثه بأحداث الربيع العربي:
"لقد شهدت المنطقة العربية منذ اواخر عام 2010 تحركات شعبية وديمقراطية أدت إلى تغيير بعض الرؤساء، وهي لازالت مستمرة لاستكمال التغيير ليطال النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. كما تستمر الانتفاضات في دول عربية وغير عربية للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية وإزالة التفاوتات. لذلك جئنا إلى هذا المؤتمر للمطالبة بتغيير النظام العالمي الذي يؤدى إلى هذه التفاوتات. وقد حذرت منظمات المتجتمع المدني في مؤتمر الأونكتاد الذي انعقد منذ أربع سنوات في أكرا حيث بدأت الأزمة الاقتصادية والمالية والمناخية والغذائية بالبروز، من أن التهرب من المعالجات الجدية والتي تطال مسبباتها الكاملة في طبيعة النظام التجاري والاقتصادي العالمي، وفي ظل غياب الحاكمية الدولية الديمقراطية التي تلزم مختلف الأطراف باحترام حقوق الإنسان، كل ذلك سيؤدي إلى كوارث إنسانية واجتماعية واقتصادية وسياسية".
وأكد عبد الصمد على ضرورة إطلاق حوار وطني في كل الدول العربية تشارك فيه مختلف القوى والفئات لإقرار نماذج تنموية ملائمة تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان والعدالة.
وترى منظمات المجتمع المدني أن العلاقات التجارية غير العادلة لاسيما في الخدمات والاستثمار وسياسات التحرير التي تطالب بها المؤسسات المالية والدولية أثبتت عدم جدواها ومخاطرها، وتدعو هذه المنظمات إلى ضرورة إعادة النظر بشكل معمق وجدي على أساس تقييم السياسات السابقة واعتماد خيارات وطنية وإقليمية ملائمة قبل الشروع في المفاوضات التجارية والقيام بالمزيد من التحرير الاقتصادي وفتح الأسواق.
كما تطالب منظمات المجتمع المدني الدول المشاركة في المؤتمر الثالث عشر للأونكتاد بتعزيز دور هذه المنظمة في مواجهة الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية العالمية على ان تساهم أيضا في معالجة أزمة الديون والتحديات التي يعاني منها النظام التجاري العالمي.