美国中东“舞狮”为哪般?
تعليق: ما الغرض من "رقصة الأسد" الأمريكية في الشرق الأوسط؟
صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية – الصادرة يوم 16 مايو عام 2012 – الصفحة رقم 01
تفيد بعض التقارير أن الولايات المتحدة والأردن و15 دولة أخرى من منطقة الشرق الأوسط ستشرع إبتداءَ من 15 مايو الحالي في إجراء مناورة عسكرية واسعة النطاق تضم 12 ألف جندي تحت شعار "الأسد المتعطش"، وستتواصل هذه المناورة على إمتداد 3 أسابيع، وستشارك فيها أمريكا بقواتها البرية والبحرية والجوية والقوات الخاصة. ومع التغيرات السياسية التي شهدتها عدة دول في وسط آسيا وشمال إفريقيا، تشهد البيئة السياسية والبنية الجيوسياسية في المنطقة تغيرات غير مسبوقة. زد على ذلك إستمرار أزمة الملف النووي الإيراني وتواصل الإضطرابات داخل سوريا، وتتالي المناورات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، وهو ما يعكس إرتفاع منسوب التوتر وتقلب الوضع في الشرق الأوسط.
وقد أجرت الولايات المتحدة إلى جانب 9 دول أخرى من منطقة الشرق الأوسط مناورات عسكرية في دولة البحرين تحت شعار "الربط الأساسي 2012" 8- 18 من الشهر الماضي. وبعد هذا التاريخ بـ 20 يوما، خرج إلى الساحة "الأسد المتعطش" لـ 17 دولة. واللبيب يدرك أن قيادة ومشاركة الولايات المتحدة في مناورتين عسكريتين متتاليتين خلال أقل من شهر واحد يهدف إلى جمع الدول المعنية في صف واحد.
يهدف التعديل الذي تجريه الولايات المتحدة على إنتشارها العسكري الإستراتيجي في الشرق الأوسط إلى كبح إيران والضغط على سوريا. حيث لايزال إلهتاب دمل الملف النووي الإيراني يتصاعد، ورغم عودة المفاوضات في الشهر الماضي بإسطنبول، إلى جانب الدورة الثانية التي ستعقد في العراق خلال 23 من الشهر الحالي، إلا أن أمريكا وأوروبا لم يرخيا حبل العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران، بل طالبوا الدول الأخرى بأن تقلل من وارداتها النفطية من إيران. كما قررت الولايات المتحدة الأمريكية نشر مقاتلات F-22 المتطورة في قاعدة الخفرة الواقعة جنوب العاصمة الإماراتية أبوظبي، لزيادة مستوى التهديد المفروض على إيران.
ورغم أن مناورة "الأسد المتعطش" تنظم كل سنة بمشاركة عدة دول، إلا أن عدد المشاركين فيها هذا العام قد شمل جميع الدول العربية تقريبا بإستثناء سوريا. ومنذ بداية العام إلى الآن، لم تتوقف الإضطرابات في الوضع السوري، في حين فشلت مخططات الدول الغربية وبعض الدول العربية في الإطاحة بنظام بشار، ورغم أن المبعوث المشترك كوفي عنان المكلف بمهمة الوساطة قد توصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، إلى أن وقف إطلاق النار لايزال هشا، كما يتتالى حدوث العمليات الإرهابية. ورغم أن المتحدث بإسم القيادة المركزية الأمريكية قد صرح بأن هذه المناورة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين القواة العسكرية الأمريكية وقواة الدول العربية المعنية وتحقيق تكامل بين المعدات العسكرية، للإستعداد إلى "التحديات الأمنية" وأن لاعلاقة لها بالوضع السوري، لكن وسائل الإعلام الشرق أوسطية تصر على ربط هذه المناورات بما يحدث في سوريا، وقالت أن هذه المناورات تهدف إلى حماية المناطق الحدودية الأردنية.
منذ إندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من عام، تأزمت العلاقات السورية مع دول الجوار. وهذه المرة تحتضن الأردن جارة سوريا مناورة هذا العام. وقد أشارت وسائل الإعلام الأردنية بأن هذه المناورة هي الأكبر في تاريخ الأردن. وتعد الأردن أكثر الدول المنتفعة بالمساعدات العسكرية والإقتصادية الأمريكية، حيث حصلت خلال 5 سنوات الماضية على 2.4 مليار دولار مساعدات أمريكية. كما تعد المشاركة السعودية في هذه المناورات مثيرة للإنتباه. إذ إلى جانب موقفها الملفت للإنتباه من التغيرات السياسية التي شهدتها منطقة شمال إفريقيا وغرب آسيا، فقد إتخذت موقفا صلبا تجاه الوضع السوري، حيث تعمل من جهة على توفير الدعم المالي وغيره من وسائل الدعم للمعارضة السورية، ومن جهة أخرى تسعى من خلال تجديد وشراء التجهيزات العسكرية المتطورة ودعم قطاع الصناعة العسكرية إلى حماية مكانتها كدولة إقليمية كبرى.
من هنا يمكننا أن نرى، أن تضخيم الخطر الإيراني وتقديم العروض العسكرية من خلال حرب ليبيا أو التدخل في الوضع السوري، وبيع كميات هائلة من السلاح لدول المنطقة، وتدعيم الإنتشار العسكري، جميعها تكتيكات أمريكية. حيث تعمل أمريكا على إستغلال كل الفرص لزيادة قوة تحكمها في منطقة الشرق الأوسط.
إلى جانب ذلك، تنطلق أمريكا أيضا من حساباتها المتعلقة بـ "إعادة التوازن" العالمي، فمن جهة تنسحب من العراق وأفغانستان، ومن جهة أخرى تنقل ثقلها الإستراتيجي إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي. وقد صرح مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية يوم 27 مارس من العام الحالي، أن أمريكا تسعى من خلال التعاون مع اليابان وكوريا وأستراليا والسعودية والبحرين وقطر ودول أخرى إلى تأسيس منظومة درع صاروخي شبيهة بالمنظومة الأوروبية، للوقاية من الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية. وهذا لاشك أنه سيجعل البنية الأمنية في الشرق الأوسط وآسيا أكثر تعقيدا.