تعليق: إدارة الأمن النووي في العالم "مهمة جسيمة وطريق طويل"
صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية – الصادرة يوم 26 مارس عام 2012 – الصفحة رقم 01
يعقد الإجتماع الثاني لقمة الأمن النووي من 26 إلى 27 مارس الحالي في العاصمة سيول، وسيحضر القمة ممثلين عن 53 دولة و 4 منظمات دولية، و ستشهد مشاركة قادة كل من الصين و كوريا الجنوبية و اليابان و روسيا و الهند و اندونيسيا، و فرنسا والإتحد الأوروبي و منظمة الأمم المتحدة، للتشاور حول أهم القضايا التي تتعلق بإدارة الأمن النووي. و تشير التقارير إلى أن رئيس كوريا الجنوبية الدولة المضيفة لي مينغ باك، قال في وقت سابق أن الهدف الأساسي من هذا الإجتماع هو تأسيس "عالم خال من السلاح النووي"، والتقليل قدر الإمكان من المواد النووية في العالم، و تعزيز إدارتها.
و يأتي هذا الإجتماع في وقت بالغ الحساسية، الأمر الذي يجذب له أنظار كل العالم. وعلى إثر التسرب النووي الذي جدّ في مفاعل فوكوشيما الياباني خلال العام الماضي، تصاعدت الأصوات المناهضة "للكهرباء النووية" من اليابان ودول أخرى، خاصة في ظل توتر الوضع في شبه الجزيرة الكورية. وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن الرئيس أوباما سيناقش خلال سلسلة من المحادثات مسألة اعتزام كورية الشمالية إطلاق قمرا صناعيا.
ومنذ الإجتماع الأول لقمة الأمن النووي الذي عقد في واشنطن قبل عامين، ظل اهتمام المجتمع الدولي بمسألة أمن الطاقة يتزايد بإستمرار، وقد أحرز التعاون الدولي في هذا المجال تقدما ملحوظا، كما ارتفع مستوى أمن المواد والمنشآت النووية. لكن، الإستعمال واسع النطاق للطاقة النووية، وتزايد مخاطر انتشار وتسرب المواد النووية، ا قد يتيح الفرصة للتنظيمات الإرهابية و عصابات الإجرام الدولي الحصول على هذه المواد أو تخريب المنشآت النووية أو القيام بأعمال خطيرة أخرى. وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية تعزيز إدارة الأمن النووي العالمي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز حماية سلامة المواد والمنشآت النووية، وهي قضايا تمثل تحديات كبيرة بالنسبة للمجتمع الدولي. لذا، يجب على المجتمع الدولي، أن يعمل من الزوايا الثلاث التالية.
أولا، تعزيز التعاون الدولي، و مكافحة الإرهاب: أدى الإنتشار المتزايد للمواد والمنشآت النووية بعد نهاية الحرب الباردة إلى ظهور احتمالات حيازة الجماعات والمنظمات لتكنولوجيا صناعة السلاح النووي و المواد النووية. ووفقا، لتقرير"مجموعة الخبراء الدوليين في الإنشطار النووي"، يوجد في العالم 1600 طن من اليورانيوم عالي التخصيب و 500 طن من البلوتونيوم المفصول، (إحصائيات عام 2010) وهي كمية كافية لصناعة أكثر من 10 ألاف رأس نووي. في المقابل، يواجه، اليورانيوم عالي التخصيب المستعمل في أغراض مدنية مشاكل عديدة من قبيل ضخامة حجم الكمية المخزنة، والثغرات الإدارية. واذا وصلت هذه المواد لأيدي المنظمات الإرهابية فإن العواقب لاشك أنها ستكون وخيمة. ولذا يجب على المجتمع الدولي أن يعزز التعاون فيما بينه على مستوى مكافحة نقل النووي و المواد الإشعاعبة بطريقة غير قانونية،والحيلولة دون إنتقال هذه المواد إلى الخواص.
ثانيا، المعالجة المناسبة للعلاقة بين الأمن النووي و الإستعمال الآمن للطاقة النووية: مثل تطوير و إستغلال الطاقة النووية أحد أكبر الإنجازات البشرية خلال القرن 21، ولعب دورا هاما في تقدم و تطور المجتمع البشري. لكن، يظل الإنتشار النووي أحد المشاكل المؤرقة للمجتمع الدولي، خاصة مع تزايد الإنتشار النووي الإقليمي في المناطق الساخنة، الأمر الذي زاد في تعقيد البيئة الدولية للأمن النووي. كما أحدث التسرب النووي الذي شهده مفاعل فوكوشيما في العام الماضي تأثيرا عابرا للقارات. لذلك، فإنه من الضروري على المجتمع الدولي تعميق التعاون فيما بينه، إذا ما أراد فعلا تحقيق الهدف المشترك، و المتمثل في الإستعمال الآمن للطاقة النووية.
ثالثا، نأسيس "عالم خال من السلاح النووي"، يستوجب التخفيض من حدّة التصادم السياسي: يبقى تحقيق "عالم خال من السلاح النووي" طموح لن يتحقق على المدى المنظور. لكن ما يمكن أن يحققه المجتمع الدولي في الوقت الحالي هو التخفيض من الإعتماد على السلاح النووي. وفقط من خلال تخفيض حدّة التصادم السياسي بين الدول و التوتر الإقليمي، والتعهد بعدم اللجوء أولا لإستعمال أو التهديد بإستعمال السلاح النووي يمكن التقليل بل وربما إزالة قيمة السلاح النووي، و حث جميع الدول على التخلص من أسلحتها النووية. وماعدى ذلك سيزيد من الدور التهديدي للسلاح النووي، ويجعل مهمة الحد من الإنتشار النووي أكثر صعوبة.
تفيد المصادر المطلعة، أن الرئيس الصيني هوجين تاو، سيطرح خلال مشاركته في قمة الأمن النووي بسيول، الإقتراحات و الإجراءات الهامة المتعلقة بسياسة الصين في المجال النووي. وبصفتها احدى الدول المطورة للطاقة النووية، ظلت الصين دائما تولي الأمن النووي أهمية قصوى، وفي الوقت الذي تسعى فيه إلى تطوير قدراتها في الأمن النووي، تعمل أيضا على مكافحة الإنتشار النووي والإرهاب، و تتعاون بإيجابية مع الدول ذات الصلة، و توفر المساعدات اللازمة للدول النامية في مجال الأمن النووي. ومنذ الإجتماع الماضي لقمة الأمن النووي، أحرزت منظومة معايير حماية سلامة الأمن النووي الصيني تقدما جديدا. و ستواصل الصين، دفع التنمية المستدامة للطاقة النووية و الإقتصاد، ودعم السلام والأمن الدوليين، والإسهام الإيجابي في إدارة الأمن النووي في العالم.