تعليق: الصين وإفريقيا، صداقة الكفاح لا تنسى
صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية - الصادرة يوم 8 نوفمبر- صفحة 01
بدأت مسيرة التعاون بين الصين وإفريقيا تؤتي ثمارها منذ خمسينات القرن الماضي. من الواحات الخضراء إلى قمم كليمانجارو المخضرة والمثلجة، من الغابات الإستوائية على ضفاف أنهار الكونغو إلى البراري المحاذية لبحيرة فيكتوريا، تجذرت المشاعرالصينية النبيلة داخل أرض إفريقيا.
الصداقة الصينية الإفريقية هي صداقة كفاح، ولدت من رحم مقاومة الهيمنة ومناشدة التحرر القومي، وترعرعت داخل كنف التعاون والإعتماد على النفس والوحدة.
منذ خمسينات القرن الماضي، وفي الوقت الذي كانت الصين نفسها تعوزها الإمكانيات المادية، كانت الصين تعطي مساعدات هائلة لإفريقيا دون أن أي شروط، وإلى غاية موفى 2010 بلغ إجمالي المساعدات الصينية لإفريقيا 9.72 مليار يوان، وتنازلت عن ديون 35 دولة بلغت قيمتها الإجمالية 2.02 مليار يوان بعد أن إنتهت مدة السداد. وبنت 900 مشروع كامل، لـ 50 دولة إفريقية، وأنشأت 2233 كلم من السكة الحديدية، و3391 كلم من الطرقات المعبدة، و42 ملعبا رياضيا و 54 مستشفى، و 118 مؤسسة تعليمية. كما إبتعثت الصين إلى 47 دولة إفريقية فرقا طبية فاق عدد أفرادها 18 ألف شخصا. وإلى الآن مازال هناك 42 فريقا طبيا صينيا، و1000 إطار طبي بين طبيب وممرض، يعملون في إفريقيا. مساعداتنا الصادقة وغير الإنتهازية لم تسهم في دعم التنمية الإقتصادية والإجتماعية في إفريقيا فحسب، بل أيضا قدمت دعما كبيرا لحركات التحرر القومي الإفريقية، ترجمت من خلالها عن نبل مشاعرها. الدول الإفريقية بدورها تقدم دعما كبيرا للصين، حيث أصبحت دعامة هامة للأعمال الخارجية و إستمرار التنمية في الصين الجديدة.
و على مدى 60 عاما، ظلت الدول الإفريقية الداعم الأكبر والأوثق للنزاعات الدولية المتعلقة بالمصالح العليا والهامة للصين. هذا الدعم عبروا عنه في عام 1971 عندما ساندوا الطلب الصيني في الدخول إلى الأمم المتحدة، وعند إفشالهم 11 مرة للدعاوي الغربية ضد الصين في مسألة حقوق الإنسان، كما وقفوا 13 مرة ضد مؤامرة عودة تايوان إلى الأمم المتحدة، إلى جانب مساندتهم لطب الصين تنظيم الألعاب الأولمبية عام 2008، ومعرض إكسبو العالمي عام 2010.
وبعد تنفيذ سياسة الإصلاح والإنفتاح، وبناء على منهج الربح المشترك وإستنادا الى علاقات الصداقة العريقة بين الصين وإفريقيا، شهدت التجارة الصينية الإفريقية إزدهارا غير مسبوق. والآن تعتبر إفريقيا المصدر الثاني لواردات النفط الصينية، وثاني سوق لعقود الإنشاء ورابع وجهة إستثمارية. و في عام 2010 بلغ النفط المستورد من إفريقيا 30 % من إجمالي واردات الصين النفطية. كما أصبحت إفريقيا أحد الدعامات الخارجية التي لايمكن أن تستغني عنها الإستراتيجية الصينية للتنمية المستدامة. في المقابل، ساهمت الإستثمارات الصينية في إفريقيا، في توفير آلاف فرص العمل، كما ساهمت في دفع سرعة التنمية الإقتصادية في إفريقيا.
من جانبها، كانت إفريقيا الصديق المخلص الذي تجده الصين عند النازلات. فعند زلزال ونتشوان المدمر الذي ضرب الصين في عام 2008، هرعت مختلف الدول الإفريقية إلى التعبير على مشاعر التضامن والمواساة للصين، وكثير من الدول الإفريقية آثروا على أنفسهم رغم الخصاصة، وقدموا إجمالي تبرعات وصل الى 64 مليون يوان وتبرعت جمهورية غيينا هذه الدولة الصغيرة البالغ عدد سكانها بعض الملايين، تبرعب لوحدها بـمليون دولار.
الصين الآن، رغم أنها نموها أسرع من الدول الإفريقية، لكن حقيقة أن الصين تبقى في دولة نامية مثل الدول الإفريقية باقية لم تتغير، كما أن المشاعر الصادقة بين الجانبين لم تتغير أيضا. "لاننس أصدقائنا، حينما نصبح أثرياء" هذه إحدى القيم الصينية العريقة، والصين اليوم عليها مسؤولية و واجب مواصلة مشاعر الأخوة بين الأمتين الصينية والإفريقية. لكن ما يجب علينا أكثر أن نراه، هو عالمنا الذي يمر بمرحلة جديدة وغير مسبوقة من التطورات والتغيرات و التعديلات الكبرى، حيث يمكن يستفيد الجميع من الجميع وتحقيق تنمية مشتركة، وصياغة نظام إقتصادي وسياسي عالمي أكثر تكافؤ، وهذا يمثل حاجة مشتركة بين الصين وكل الدول النامية. وفي هذه المرحلة الجديدة، يجب أن لا نشك في آفاق العلاقات الصينية الإفريقية، بل علينا أن نصعد إلى الأعلى وننظر إلى الأمام، ونتأقلم مع تغيرات الوضع، ونصلح القصور الكامن في العمل، ونستمر في صناعة نجاحات ترصع سجل التعاون الصيني الإفريقي، و نجعل صداقة الكفاح النفيسة التي تربط الجانبين، تكون أكثر بريقا، لنصع غد أجمل للصين و إفريقيا.