تعليق: "قانون العلاقات مع تايوان" يجب أن يلغى
صحيفة الشعب اليومية –الطبعة الخارجية - الصادرة يوم 23 سبتمبر عام 2011- الصفحة رقم:01
بعد تفكير الحكومة الأمريكية الطويل في مسألة الدفعة الجديدة من صادرات السلاح إلى تايوان، حسمت أمرها أخيرا في 21 سبتمبر. ورغم أن الحكومة الأمريكية لم تبع في هذه المرة بعض أنواع الطائرات الحربية الجديدة، طراز F-16C/D التي لهثت ورائها قوى اليمين والسلطات التايوانية طويلا، إلا أنها قامت بتعويض ذلك بالترفيع في مستوى الطائرات الحربية، طراز F-16A/B، التي تمتلكها تايوان الآن، وذلك "للمحافظة على التوازن الدقيق في العلاقات الصينية الأمريكية"، لكن عدم إتمام الدفعة الجديدة من صادرات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان لم يغير من التدخل الخطير في السياسة الداخلية الصينية، والإضرار الخطير بطبيعة الأمن القومي الصيني، والتعمد إلى تخريب مساعي السلام والوحدة في الصين والعلاقات الصينية ـ الأمريكية، ما أدى إلى احتجاج الصين حكومة وشعبا ومعارضتهما الشديدة لهذا الأمر.
في بيان "17 أغسطس" الصيني الأمريكي عام 1982، وعدت الحكومة الأمريكية بوضوح، أن أمريكا "لا تنوي اعتماد سياسة تسليح لتايوان طويلة المدى" ، وأنها "تستعد لإجراء تخفيض تدريجي لمبيعات السلاح إلى تايوان، ويفضي بعد فترة زمنية إلى حل نهائي "، والآن مرّ قرابة 30 سنة، لكن مبيعات السلاح إلى تايون، إضافة لكونها لم تشهد "حلاً نهائيا"، فقد اتسع نطاقها بمرور الوقت، كما أن نوعية السلاح تتطور باستمرار. وإن الدولة التي تعتبر نفسها دولة القانون ودولة العدل لاتعطي قيمة للعهود الدولية، وتتنكر لوعودها إلى هذا الحد، فإن هذا أمرا قد يعد شاذا على المستوى الدولي.
وتتحجج أمريكا، بكون بيعها السلاح لتايوان يأتي وفقا لـ "قانون العلاقات مع تايوان" الأمريكي لسنة 1979. وهذا أمر يعجز عن فهمه كل إنسان عاقل. "فقانون العلاقات مع تايوان" الأمريكي هو قانون أمريكي داخلي، وهو بمثابة كائن غريب يقوم بتربيته بعض الأطراف غير المستعدة لفقدان مصالحها لإعاقة التطور العادي للعلاقات الصينية الأمريكية. وهو يدعو جهارا إلى توفير السلاح إلى بعض القوى الإنفصالية داخل دولة ذات سيادة، تحت مسمى أسلحة "دفاعية". إستعمال القانون الداخلي للتدخل في السياسة الداخلية للدول الأخرى، وإستعمال القانون الداخلي للتهرب من لوائح القانون الدولي، يعدان اختراعين أمريكيين كبيرين. وبوضوح، نحن لا نعرف هل هناك تفسيرات أخرى لإقدام دولة ما على وضع قانونها الداخلي فوق القانون الدولي، غير سياسة القوة التي تتبعها و عقلية الحرب الباردة التي تتبناها. إذا، يمكن القول، ان "قانون العلاقات مع تايوان" كان منذ البداية لاغيا منافيا للقانون. وان إستعمال هذا القانون كحجة لتسليح تايوان هو أمر غير جائز.
قبل 40 سنة، عبر الرئيس نيكسون المحيط الهادي، وأجرى مصافحة تاريخية مع زعيم الصين، وهذه المصافحة لم تغير الصين وأمريكا فقط، بل غيرت العالم كله. واليوم، لايمكن مقارنة علاقة التبعية المتبادلة بين الصين وأمريكا من حيث العمق و الحجم، بما كانت عليه في ذلك الوقت. إن التطور السليم للعلاقات الصينية الأمريكية لن يؤثر فقط على مستقبل ومصير البلدين بل سيؤثر بقدر كبير على مستقبل ومصير البشرية جمعاء. لكن، هناك دائما من لا يريد رؤية تطور سليم للعلاقات الصينية الأمريكية، ولا يود رؤية عالم متناغم وآمن، ويسعى دائما للتحكم في تايوان، واستعمالها كأداة سياسية لعرقلة الصين. إن تسليح تايوان بناءاً على ما يسمى "قانون العلاقات مع تايون"، يعتبر أحد المظاهر الأصيلة لعقلية الحرب الباردة ومنطق القوة.
وهذا أمر من الواضح أنه أصبح خارج العصر، وليس من ورائه فائدة، وسعي لتحقيق المصالح الذاتية على حساب الآخرين. خلال الفترة الأخيرة، تزايد عدد الشخصيات الأمريكية الهامة التي نادت بإلغاء "قانون العلاقات مع تايوان" في أسرع وقت ممكن، ورأوا أن هذا القانون قد أصبح منذ زمن لايستجيب للمصلحة الأمريكية الراهنة، فبالرجوع إلى إتجاه تطورعملية السلام في العلاقات بين ضفتي مضيق تايوان، وبالرجوع إلى روح علاقات الشراكة والتعاون الصينية الأمريكية، وبالرجوع أيضا إلى المصالح الإستراتيجية الأمريكية، فإنه إذا لم يتم إلغاء هذا العائق القانوني، فإنه من الصعب أن تهنأ العلاقات الصينية الأمريكية بيوم سلام.
في تلك الأعوام، كان تطبيع العلاقات الصينية الأمريكية يتطلب حكمة وشجاعة كبيرتين، واليوم، سلامة العلاقات الصينية الأمريكية في حاجة أكثر إلى ترتيب و جرأة كبيرين. فالإنحصار في رقعة حسابات صغيرة، والتفكير في خيارات ضيقة من قبيل (أ-ب) أو (ج-د)، لايضاهي الإمساك بالفرصة التاريخية، ومن خلال الإعتماد على بعد نظر وطموح الساسة والإستراتيجيين، يتم التخلي عن إزعاج لوبيات المصالح، وإلغاء كل القوانين واللوائح التي لاتناسب المصالح الراهنة، وإزالة كل الحواجز التي تعرقل العلاقات الصينية الأمريكية، وفي ذات الوقت تضر بالمصالح الأمريكية الجوهرية، والتجرؤ على فتح عهد جدبد.
لقد فعلها الرئيس نيكسون، فماذا عن الرئيس أوباما؟