معظم سكان العالم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية المناسبة
يعرض تقرير جديد صادر عن منظمة العمل الدولية أحدث اتجاهات الضمان الاجتماعي، ويرى أن معظم الناس يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية الكافية في وقت تشتد الحاجة إليها. في التقرير التالي نستعرض التفاصيل.
اتفق المجتمع الدولي عام 1948 على أن الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، للأطفال وكبار السن أو الأشخاص في عمر العمل والذين يعانون من البطالة أو الإصابة، هما حق من حقوق الإنسان العالمية.
ولكن حتى الآن، في عام 2014 ، لم يتحقق الوعد بحماية اجتماعية شاملة للغالبية العظمى من سكان العالم:
"27٪ فقط من سكان العالم يتمتعون بحماية اجتماعية واسعة النطاق. الغالبية الكبرى من سكان العالم لا تدرك مطلقا حق الإنسان الأساسي في الضمان الاجتماعي، أو أنهم على علم به بطريقة جزئية، الأمر الذي يضع مليارات الناس في وضع غير آمن."
كانت هذه ساندرا بولاسكي Polaski ، نائبة المدير العام لمنظمة العمل الدولية التي كانت تتحدث في مؤتمر صحفي عن أهم ما جاء في التقرير العالمي للحماية الاجتماعية للفترة 2014/2015، والذي صدر تحت عنوان "إرساء الانتعاش الاقتصادي والتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية".
بولاسكي شددت على أن قضية الحماية الاجتماعية باتت أكثر إلحاحا في ظل غياب الاستقرار الاقتصادي، وضعف النمو وتزايد اللامساواة، وهي أيضاً مسألة يجب على المجتمع الدولي إيلاؤها أهمية كبيرة في أجندة التنمية لما بعد عام 2015.
" 12 في المائة فقط من العمال العاطلين عن العمل في جميع أنحاء العالم يحصلون على إعانات البطالة. ويرجع ذلك إلى مجموعة من القيود على أهلية الفرد، والتي تتراوح من 64 في المائة في أوروبا الغربية إلى أقل من 3 في المائة في الشرق الأوسط وأفريقيا."
وأصبحت الوظيفة متعددة الجوانب التي تؤديها الحماية الاجتماعية في الاقتصادات والمجتمعات جلية بصفة خاصة أثناء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة. ففي المرحلة الأولى من أزمة (2008-2009)، اعتمدت 48 دولة على الأقل من الدول ذات الدخل المرتفع والمتوسط حزمة تحفيز بقيمة 2.4 تريليون دولار رُصد قرابة ربعها إلى تدابير الحماية الاجتماعية. وكان هذا الدعم بمثابة عامل استقرار تلقائي ساعد الاقتصادات في استعادة توازنها وحماية العاطلين عن العمل والمستضعفين من كارثة اقتصادية في الدول التي طالتها الأزمة.
ولكن في المرحلة الثانية من الأزمة، ابتداء من عام 2010، عكست العديد من الحكومات توجهها وباشرت قبل الأوان بسياسة مالية تقشفية، رغم الحاجة الماسة لمواصلة دعم الفئات الضعيفة من السكان واستقرار الاستهلاك. ساندرا بولاسكي:
"تظهر أحدث الاتجاهات أن عددا من البلدان ذات الدخل المرتفع تقلص التمويل وفوائد أنظمة الضمان الاجتماعي الخاصة بها، في ظل آثار محتملة على الفقر وعدم المساواة. وفي الاتحاد الأوروبي، ساهمت تخفيضات الحماية الاجتماعية بالفعل بزيادة الفقر الذي يؤثر الآن على 123 مليون شخص أو 24 في المائة من السكان."
لكن نائبة المدير العام لمنظمة العمل الدولية أكدت على أن الحماية الاجتماعية تمثل سياسة رئيسية للحد من الفقر وعدم المساواة بينما تحفز النمو الشامل من خلال تعزيز الصحة وقدرة الشرائح الضعيفة من المجتمع، وزيادة إنتاجيتهم، ودعم الطلب المحلي وتسهيل التحول الهيكلي للاقتصادات الوطنية:
"يمكن للحماية الاجتماعية أن تساعد الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع في وضع أقدامها على أول درجة من السلم نحو حياة كريمة. ويمكن أن تضمن ألا تواجه الأسر -في حال فقدان أفرادها لوظائفهم أو في حال مرضوا أو تقدموا في السن- ألا تواجه خطر الفقر وانعدام الأمن. ويمكن للمجتمع الحديث أن يوفر الحماية الاجتماعية الشاملة. الآن، دعونا نفعل ذلك."
واختتمت بولاسكي بالقول: "المطلوب الآن إرادة سياسية لجعل ذلك حقيقة واقعة".