اللاجئون السوريون في لبنان قلق من مستقبل يبدو قاتما يكتنفه الغموض
شهدت أعداد النازحين السوريين الذين تركوا بلادهم ارتفاعا تدريجيا في الأشهر الماضية، بالتزامن مع ازدياد وتيرة العنف داخل سوريا واستهداف المدنيين، خصوصا في المناطق السورية الساخنة مثل درعا وحمص وإدلب وحماه. ويعيش غالبية النازحين السوريين في الدول المجاورة في ظروف إنسانية صعبة، على الرغم من الجهود التي يبذلها المعنيون من جهات حكومية بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين وشركائها من منظمات غير حكومية وجمعيات محلية تلعب دورا أساسيا في إغاثة النازحين. نتعرف على حال بعض اللاجئين السورين في لبنان من خلال التقرير التالي
قطع آلاف السوريين مئات الكيلومترات هربا من شبح الموت ليسكنوا في مخيمات للاجئين في دول الجوار ومنها لبنان حيث تشير أرقام مفوضية شؤون اللاجئين إلى أن عددهم وصل إلى أكثر من اثنين وعشرين ألف شخص يعيش معظمهم في المناطق الشمالية للبنان ويكتنفهم القلق مما يحمله لهم المستقبل.
هذا المركز الديني تحول إلى مأوى للعديد من الأسر السورية التي وصلت إلى لبنان هربا من أعمال العنف التي تجتاح بلادهم، كل أسرة تشغل غرفة واحدة كحال هذه العائلة المكونة من سبعة أفراد، الحياة ليس سهلة.
تقول سهام وهي ربة هذه الأسرة :
"كل شيء صعب للغاية. لا توجد ملابس للأطفال. روتين حياتنا اليومية ليس سوى هذه الغرفة. أو في الساحة التي عادة ما تكون صاخبة جدا. "
يعاني السوريون في لبنان من العديد من المشاكل المعيشية والصحية وهاجس أن تطول إقامتهم، فقد استقر معظم هؤلاء السوريين عند أقارب لهم في منطقة حدودية، حيث تتداخل الأراضي والعائلات بين البلدين، ويضطر الكثير منهم إلى الاعتماد في معيشتهم على المساعدات من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.
تقول أم سورية تعيش في منزل إحدى العائلات اللبنانية مع أطفالها الثلاثة على الحدود الشمالية:
"صاحب المنزل يعاملني كأي فرد من عائلته. على الرغم من أنني اتلقى المساعدات ولكن الحياة مكلفة للغاية هنا وعملتنا مختلفة، كل شيء باهظ الثمن جدا. أنا بحاجة إلى المزيد من المال، على الرغم من التبرعات. المالك يعاملنا بشكل جيد للغاية. ويعامل أطفالي كما لو أنهم في بلدهم. إنه لا يسمح لأي شخص أن يضربهم أو يصرخ بوجههم. إنه بمثابة الأب لهم"
من نافذة ذلك المنزل تستطيع أن ترى قريتها التي تقع على بعد مرمى حجر لقد ساهمت المسافات القريبة والعلاقات الوطيدة بين اللبنانيين والسوريين في نزوح العائلات السورية عبر حدود ليست ببعيدة على الإطلاق.
ولكن يسلك النازحون إجمالا معابر غير شرعية في طرق جبلية وعرة تستخدم عادة في عمليات التهريب بين البلدين، أو يعبرون على الأقدام قاطعين مجرى نهر يفصل بين شمال لبنان والأراضي السورية.
آنا ماري لورينين ممثلة اليونيسف في لبنان أعربت عن تقديرها للعائلات اللبنانية التي تأوي جيرانها من العائلات السورية على الرغم من ضعف إمكاناتهم المادية وتضيف :
"إن سخاء هذه المجتمعات، والتي هي في حد ذاتها تعيش في ظروف سيئة للغاية، لافت للنظر حقا. إن اليونيسيف تعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لتقديم المساعدة لتلك المجتمعات للتخفيف من الآثار المترتبة على نزوح الأسر السورية التي تعيش معهم الآن ".
الأزمة السورية تعيش بين مطرقة المجتمع الدولي وسندان الأعمال القتالية بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، وإلى أن تستقر الأوضاع في البلاد فإن احتياجات هؤلاء اللاجئين الذين يحتمون ليس فقط في لبنان ولكن في العديد من دول الجوار مثل تركيا والأردن هي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.