النوبيون في جوبا لاجئون تقطعت بهم السبل وشردتهم حرب لا ترحم ولا تستكين
أدى الصراع في جبال النوبة إلى تشريد مئات الآلاف من المواطنين السودانيين، فكل ما لديهم من ممتلكات تركوها خلفهم ليسكنوا بيوتا مبنية برقائق من البلاستيك ويعيشوا حياة لا تخلو من البؤس والألم ناهيك عن حنينهم إلى أرض الوطن.
آلاف النوبيين قطعوا مسافات طويلا هربا من القتال في جبال النوبة ليحط بهم الرحال في جوبا عاصمة جنوب السودان.
في هذا البيت المصنوع من القصب والمغطى بالبلاستيك تتقاسم هيلي اكومباو وأطفالها الستة مع عائلة أخرى المكان.
وعلى الرغم من إمكانيات الحياة البسيطة إلا أنهم يعتبرون أنفسهم من المحظوظين لأنهم استطاعوا أن يهربوا من القتال الذي اندلع في يونيو حزيران الماضي من العام الماضي.
تقول هيلين :
"الحرب لم تترك أحدا، سواء كان جنديا أو مدنيا، الجنود كانوا يقتلون الجميع، لقد قتلوا الأطفال. وهاجموا كل من على الأرض من الجو مستخدمين القنابل".
تروي لنا هيلين تلك اللحظات التي عاشتها قبل لجوئها إلى جوبا فعلى مدى شهرين، اختبأت وأسرتها في الأدغال، وكانت تبحث عن الطعام تحت ستار الليل، لم تكن تتوقع أن تبقى على قيد الحياة وتضيف :
"كانت لحظات صعبة، كنا نقتات ثمار البرية، ولكن في بعض الأحيان كنا نتمكن من التسلل إلى الوطن للحصول على بعض المواد الغذائية والمياه وبعد ذلك نعود إلى المكان الذي نختبئ فيه من جديد".
القتال لم يتوقف والمعاناة في ازدياد مستمر لم يبق هناك أي خيار سوى الرحيل كان هذا حال هيلين وحال إحدى عشرة عائلة أخرى توجهت إلى أقرب ميناء وركبت أول باخرة نقلتهم عبر مياه النيل إلى جوبا, وقد قامت مفوضية شؤون اللاجئين وكنيسة محلية بتأمين الطعام والملابس والأغطية البلاستكية والخيزران ليصنعوا منازل مؤقتة.
أن تعيش بقلق على من تبقى من أفراد أسرتك في تلك المناطق المضطربة هنا تكمن المعاناة الكبرى يقول ماكا الذي هرب مع بعض من أفراد عائلته واضطر لترك زوجته وأطفاله الأربعة في جبال النوبة ويضيف:
"في السابق كنت أتحدث معهم عبر الهاتف ولكن الاتصالات قطعت ولا أعلم كيف هو حالهم الآن، آخر مرة سمعت منهم عندما اتصلت بي ابنتي الكبيرة وقالت لي إنه حينما كانوا ذاهبين للبحث عن ثمار برية لتناول الطعام أصاب غضن شجرة عينها و لم تستطع الحصول على العلاج لأن المواد الطبية غير متوفرة."
هيلين أيضا تشعر بقلق على عائلتها في الوطن فقد انقطعت أخبارهم عنها ولا تعرف عنهم أي شيء:
"نحن قلقون عليهم عندما كنا هناك كنا نعلم ماذا يجري، قد يقتلوا بسبب القصف في أي وقت، العناية الإلهية وحدها التي قد تبقيهم على قيد الحياة".
مستقبل هيلين وغيرها من اللاجئين هنا مجهول، فالأعمال التجارية الصغيرة قد لا تفي بالاحتياجات اللازمة للعيش.
مفوضية شؤون اللاجئين تتفاوض مع السلطات في جوبا للحصول على بعض الأراضي، لبناء منازل مؤقتة علها تكون بارقة أمل لأناس تقطعت بهم السبل وشردتهم حرب لا ترحم ولا تستكين.