فيلم وثائقي يستعرض تجارب مرشحات تونسيات وتطلع المرأة إلى المساواة الكاملة في تونس الجديدة
عرض خلال شهر مارس آذار في إطار الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة الفيلم الوثائقي (نساء بلادي، نساء ونصف) من إنتاج برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول جهود المرأة التونسية، التي حرص البرنامج على دعمها، للمشاركة في الحياة السياسية في تونس الجديدة.
مزيد من التفاصيل في تقرير ريم أباظة.
انطلقت شرارة الانتفاضة العربية من تونس بيد الشعب الذي أسقط نظام زين العابدين بن علي بعد سنوات طوال في الحكم.
تسارعت خطى البلاد على طريق التحول الديموقراطي وكانت من أهم محطاته انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
وجاء دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز جهود النساء لضمان تمتعهن بالمشاركة الكاملة في وطنهن.
أنتج البرنامج فيلما وثائقيا تتبع خمس مرشحات شاركن في قوائم انتخابية لأحزاب وتكتلات تمثل تيارات مختلفة.
مية الجريبي مرشحة الحزب الديموقراطي التقدمي أكدت أثناء حملتها على أن تونس تمر بفترة فريدة لم يسبق لها مثيل في تاريخها.
"الانتخابات في العالم كله إن كانت انتخابات انتقال ديموقراطي أو في دول ديموقراطية عادية تنجح عندما تكون هناك مشاركة نسائية كبيرة، والنقطة الثانية أن كثيرا من التجارب تظهر أن وجهة نتائج الانتخابات في كثير من الأحيان تحددها المرأة التي يقوم عليها الاقتصاد العائلي واقتصاد البلاد والتي لا تأخذها كثير من الإحصائيات بعين الاعتبار."
تنافس في انتخابات المجلس التأسيسي أكثر من أحد عشر ألف مرشح من بينهم حوالي أربعة آلاف سيدة جئن على رأس سبعة في المائة من القوائم الانتخابية.
السيدة سعاد عبد الرحيم خاضت المنافسة الانتخابية ممثلة عن حركة النهضة.
"عندما اتصلت بي حركة النهضة لم أرفض الترشح، لأنني أعرفهم من قبل ومعهم منذ كان عمري تسعة عشر عاما، شعرت أن من واجبي رفع المظلمة الواقعة ضد حركة النهضة في تونس."
ولكن مع التغيرات الجذرية في البلاد لم يخف البعض تخوفه من سيطرة التيار الديني السياسي الذي تعد حركة النهضة من أبرز ممثليه.
وأثناء تتبع الفيلم الوثائقي لحملتها الانتخابية لمست السيدة سعاد ذلك التخوف وخاصة من السيدات، فتعبر هذه الناخبة عن قلقها من أن تفقد المرأة التونسية حقوقها بسبب التيار الديني السياسي ويتاح المجال لتحكم الرجال فيهن.
"ماذا تعنين بقولك ما الذي يخيفيني؟ أخاف أن نرجع إلى الوراء، لست أخاف على نفسي فقد كبرت وتزوجت وأعرف حقوقي ولكن أخاف على أولادي وخاصة البنات، أن تحد حرياتها ويتحكم فيها زوجها، هذا ما يخيفني."
ورغم وضع المرأة التونسية والحقوق التي تتمتع بها إلا أن ترشحها في انتخابات المجلس التأسيسي واجه مقاومة من البعض مثلما تقول المرشحة سميرة بن قدور من حزب العمل التونسي.
"كان البعض يأخذ مني ورقة الدعاية الانتخابية ويصيح في الحي قائلا: لا تصوتوا لامرأة انتبهوا لا خير في قوم ترأسهم امرأة. ويهز الورقة ويجري في الشارع ويقول للناس انتبهوا، تعرضت لذلك من البعض وقلت لهم لا بأس أنتم لكم رأيكم ولا تريدون التصويت لي ولكن يجب أن تحترموني."
ويبرز فيلم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الوثائقي (نساء بلادي، نساء ونصف) دور الرجل التونسي أيضا في دعم نضال المرأة، كما يقول زوج السيدة مباركة الزاوي مرشحة البديل الثوري.
"أي مناضل وأي إنسان تقدمي وديموقراطي ونزيه يساند المرأة باعتبارها نصف المجتمع، وهذه فرصة للمرأة التونسية لكي تظهر طاقاتها وتبدع."
عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة تحدث عن الحرص على ضمان تمثيل المرأة في المجلس التأسيسي من خلال وجود أسماء المرشحات بالتناوب مع المرشحين.
"هذه الأمور تتطلب إحداث تغييرات جذرية في المجتمع، إن مجتمعنا مازال غير مهيأ لتقبل مبدأ المساواة بمعناه الكامل، بالمعنى المقبول على المستوى الدولي وفي البلدان الديموقراطية والغربية."
ودعما لتطلع التونسيات لتحقيق مبدأ المساواة جاء دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. سلاف قسوم أخصائية التنمية السياسية بالبرنامج تعمل في المكتب الإقليمي بالقاهرة، ولكن نشاطها تركز داخل تونس خلال العام الانتخابي وخاصة مع السيدات المرشحات:
"أغلبية النساء المترشحات كن يخضن حملات انتخابية لأول مرة في حياتهن، ورغم أن غالبية المترشحات جئن من محيط نضالي إلا أن العمل السياسي يختلف وبالتالي كن يخضن حملات انتخابية لأول مرة بصعوباتها وتحدياتها."
انضمت إلى عضوية المجلس تسع وخمسون امرأة من بين مائتين وسبعة عشر عضوا ليمثلن سبعة وعشرين في المائة من مجمل الأعضاء أي ضعف المتوسط الإقليمي لتمثيل المرأة في البرلمانات، وبزيادة سبعة في المائة عن المتوسط العالمي.
نجحت بعض المرشحات اللاتي تتبعهن الفيلم الوثائقي ولم توفق أخريات ولكنهن جميعا أكدن على ضرورة مواصلة النضال من أجل تونس الجديدة.