ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية: أسبابه والجهود الدولية لمكافحته
عقدت في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حلقة نقاش رفيعة المستوى بشأن تحديد الممارسات الجيدة في مجال مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
المزيد عن هذه الممارسة وما يتم دوليا للقضاء عليها، في التقرير التالي:
بات من المسلم به أن ممارسة ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، لا تستند إلى أية فوائد صحية، بل على العكس هي تولد ضررا عميقا لا رجعة فيه فضلا عن أضرار جسدية مدى الحياة، كما تزيد من مخاطر وفاة الأطفال حديثي الولادة من تلك الأمهات اللواتي تعرضن لتلك الممارسة الضارة.
وفي حلقة نقاش رفيعة المستوى، عقدها مجلس حقوق الإنسان يوم الاثنين في جنيف، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي:
"إن ختان الإناث هو شكل من أشكال التمييز القائم على نوع الجنس والعنف. إنه انتهاك للحق في السلامةالجسدية والعقلية. إنه ينتهك الحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانيةوالمهينة. ولأنه يمارس تقريبا بشكل دائم على الأطفال الصغار، يعد انتهاكا لحقوق الطفل. إن تشويه الأعضاءالتناسلية الأنثوية يشكل انتهاكا للحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة، بما في ذلك الصحة الجنسيةوالإنجابية. وعندما يؤدي إلى وفاة الشخص الذي تم تشويهه، فهو ينتهك الحق في الحياة."
ووفقا لليونيسف، تنتشر ممارسة ختان الإناث على نطاق واسع في العديد من مناطق العالم، حيث تشير الإحصاءات إلى تعرض أكثر من مئة وخمسة وعشرين مليون فتاة وامرأة، لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. وما يصل إلى ثلاثين مليون فتاة في خطر التعرض لهذه الممارسة خلال العقد المقبل إذا استمرت الإتجاهات الحالية.
وتنطوي الأسباب الكامنة وراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على مجموعة من العوامل الثقافية والدينية والاجتماعية السائدة داخل الأسر والمجتمعات المحلية.
وتقول السيدة بيلاي في هذا الشأن:
" يمكن للعوامل الإقتصادية أن تلعب دورا هاما في المساهمة في استمرار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. فيالعديد من الأماكن، ستحصل أسر الفتيات اللاتي تعرضن لتشويه أعضائهن على ثمن أفضل للعروس، لأنالشابات المعنيات يفترض أن يكنّ أكثر انقيادا وأقل احتمالا للحصول على المتعة الجنسية الخاصة بهن. وهذايسلط الضوء على بعد الإيذاء النفسي والعاطفي لهذه الممارسة، والسيطرة القسرية على الحياة الجنسية للنساءوالفتيات."
ولكن ماذا عن الجهود الدولية في مكافحة هذه العادة السيئة؟
لقد تم منذ عام 1997، بذل جهود جبارة لمواجهة ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وذلك بإجراء البحوث اللازمة والعمل داخل المجتمعات المحلية وإدخال تغييرات على السياسات العامة.
وقد أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، برنامجهما المشترك بهدف المساعدة في تسريع التخلي عن ممارسة تشويه وبتر الأعضاء التناسلية الأونثوية من الولادة وحتى بلوغهن الرابعة عشر عاما بنسبة أربعين بالمائة وبغية القضاء كليا على هذه الممارسة في دولة واحدة على الأقل بحلول عام 2017.
وفي هذا الشان، قالت نافيساتون ديوب، منسقة البرنامج المشترك:
" لقد وصلنا إلى أكثر من مئتي ألف من المجتمعات التي أعلنت بشكل علني التخلي عن ختان الإناث وهميمثلون أكثر من عشرة ملايين شخص. هذا الإعلان العلني يمثل تحولا هاما في الخطاب الثقافي لأنه وسيلةلجعل اللامرئي مرئيا."
كما أشارت بيلاي إلى أن هناك دلالات واضحة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بأن ممارسة الختان في انخفاض، وقالت:
" لقد اعتمدت عدة دول تشريعات وسياسات لإنهاء ختان الإناث، وقد رافقت القوانين قضايا التعليم بالشؤونالحساسة ثقافيا والتوعية العامة، حيث انخفضت هذه الممارسة بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان بنسبةخمسة بالمائة عالميا بين عامي 2005 و2010."
وتركز منظمة الصحة العالمية جهودها في التخلص من ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية من حيث الدعوة والبحث واستحداث معارف بشأن أسباب هذه الممارسة وآثارها وكيفية التخلص منها فضلا عن الإرشادات الخاصة بالنظم الصحية.
ويساور منظمة الصحة العالمية القلق بوجه خاص إزاء نزوع العاملين الطبيين المدرّبين، بشكل متزايد، إلى إجراء عمليات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. وعليه تدعو المنظمة العاملين الصحيين، بقوة، إلى الابتعاد عن تلك الممارسة.
وفي هذا الصدد، قالت مارلين تميرمان مديرة إدارة البحوث الصحية الإنجابية بمنظمة الصحة العالمية، إن ما يحصل أن العديد من الآباء لا يريدون ختان بناتهن ولكن يخافون من أن يقوم أحد من أفراد الأسره مثل الجدة أو الخالة أو العمة باصطحاب بناتهن والقيام بختانهن، ولذلك يطلبن من الأطباء فعل شيء في هذا الصدد:
" إن الواقع اليوم، أن نحو 18% من عمليات ختان الإناث تتم من خلال الأطباء وهي في ازدياد، حيث يقومالأهالي بالذهاب إلى المستشفى ويسألون الأطباء عمل شيء ما بشأن الختان أو أن يقوموا بختان بسيط.. نحنمن منظمة الصحة العالمية يجب أن نقول لا لهذه الممارسة لأنها في ازدياد. هناك فتاة من بين خمس فتيات يتمختانهن من قبل مقدمي الرعاية الصحية، وهذا يجب أن يتوقف."
وقد قامت منظمة الصحة العالمية بإعداد مواد تدريبية ودلائل للمهنيين الصحيين بغرض مساعدتهم على تقديم خدمات العلاج والمشورة للنساء اللاتي تعرّضن لهذه الممارسة