جرائم الاتجار بالبشر تظهر في الأردن والدول المجاورة لسوريا..وتستهدف اللاجئين
لطالما ظننا أن العبودية انتهت إلى غير رجعة، لكنها تعود وتتسلَّل إلى مجتمعاتنا، بأشكال أقسى وأمر عبر جرائم الاتجار بالبشر.
فبعد أن استطاعت البشرية القضاء على ظاهرة العبودية، عادت لتطل من جديد متخذة صورا وأشكالا مختلفة، يجمع بينها استعباد بعض البشر بشرا آخرين، عبر تجنيدهم أو نقلهم بواسطة التهديد بالقوة واستعمالهم واستغلالهم بطرق مختلفة.
في التقرير التالي نتطرق إلى قضية الاتجار بالبشر ودور المنظمة الدولية للهجرة في نشر التوعية ومكافحته في الأردن.
أصوات لاجئين سوريين يعبرون الحدود..
هذه أصوات لاجئين سوريين على الحدود الأردنية.. كل شخص لديه قصة يرويها..من فقد قريبا أو زوجا أو ابنا... قصص مأساوية عديدة سببها واحد وهي الأزمة المستمرة في سوريا والحرب الدموية.
ومع مشكلة اللجوء الكبيرة للسوريين خلال الثلاثة أعوام السابقة.. بدأت ملامح مخاطر الاتجار بالبشر تظهر في الدول المجاورة لسوريا، ومن ضمنها الأردن.
الدكتورة أميرة محمد، مديرة مشروع تعزيز الوعي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر بالمنظمة الدولية للهجرة في الأردن، تحدثت عن تلك المشكلة، وأشكالها والتي ترتبط غالبا وبشكل كبير بحركات الهجرة والنزوح:
"أشكاله مختلفة ولكن الهدف الأساسي منه هو الاستغلال، والاستغلال يحدث بأشكال متنوعة، إما الضحية تستغل في أشكال من العمل الجبري تحت أشكال السخرة والاسترقاق والاستعباد وقد يكون استغلالا جنسيا وقد يكون كما هو شائع، قد يكون استغلال بسبب التجارة في أعضاء جسم الإنسان نفسه."
مخاطر الاتجار بالبشر كما تشير المنظمة الدولية للهجرة، جاءت نتيجة لجوء أعداد كبيرة من العائلات السورية إلى الدول المجاورة في ظروف قاسية، الأمر الذي قد يوقع العديد من الأفراد ضحايا بين أيدي من اتخذوا جريمة الاتجار بالبشر مهنة، للحصول على أموال سهلة وبأسرع الطرق وبأي ثمن دون وازع من ضمير أو مشاعر إنسانية.
وعن الانتهاكات التي تحصل في دول اللجوء كالأردن، قالت الدكتورة أميرة:
"هناك عمالة الأطفال وهي واحدة من الانتهاكات وهي منتشرة وبشكل كبير. واليوم كنا بجلسة توعية مع الأسر والجمعيات حيث أشاروا إلى قصص كثيرة، وتحركت وحدة مكافحة الاتجار بالبشر للتحقيق في القضايا. من ضمنها قضية فتاة عمرها خمسة عشر عاما دفعها أهلها إلى الزواج. كله طبعا تحايل على الدين والقانون. وطبعا تزوجت بأوراقها السليمة، وجاءت إلى عمان وأقامت في فندق وحملت من هذا الشخص، واختفى هذا الرجل."
وللعمل من أجل الحد من هذه الظاهرة قبل تفاقمها، أطلقت المنظمة الدولية للهجرة وإدارة مكافحة الاتجار بالبشر في الأردن، حملة في محافظة المفرق شمال المملكة، تهدف إلى تعزيز توعية المجتمعات فيما يتعلق بأنواع الاتجار بالبشر والاستغلال وكيفية التعرف عليه والإبلاغ عن تلك الجرائم.
الدكتورة أميرة محمد، تحدثت عن الحملة التي تعد جزءا من مشروع أوسع للمنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع الحكومة الأردنية، تهدف للوصول إلى جميع اللاجئين والأردنيين في المناطق ذات التركيزات العالية من اللاجئين السوريين.
"المشروع مثلا يتضمن أنشطة توعوية، تشمل فئات مختلفة من المجتمع، طلبة المدارس والجامعات والأهالي والأسر، ويتضمن أيضا تدريب كوادر مؤهلة من كافة الجهات المعنية ويكون لها نواة لفريق له القدرة على التعرف على الضحايا وإحالتهم للجهات المناسبة. هذا واحد من الأنشطة، نشاط آخر من المشروع هو أننا نقدم مساعدات مباشرة للأسر التي نتعرف عليها ونعتقد أنه قد يكون ضحية محتملة للاتجار بالبشر. عندنا هنا مشكلة الإيجار التي تعد مشكلة ضخمة للاجئ السوري، وهنا نحن نقدم مساعدات نقدية بسيطة قد تساعد من حدة الإيجار."
وتعد إثارة الوعي بخطورة هذا الفعل المشين أمرا ضروريا وهاما، كما تقول الدكتورة أميرة محمد:
"هناك طرق أو اتجاهات متعارف عليها للتعاطي مع القضية، أولها رفع التوعية. إذا أنا مثلا عندي خط ساخن والناس لا تعرف أن هذه هي قضية اتجار بالبشر يبقى الخط الساخن لا فائدة له. إذا كانت عندي قوة ردع لتعاقب المجرم، ولكن الضحية لا تعرف أنها تنتهك وأن هذه جريمة اتجار بالبشر فلا يوجد فائدة لقوة الردع. هذه هي الخطوة الأولى وطبعا الاتجاهات المكملة لرفع الوعي هي حماية الضحايا، وهي محمية ضمن القانون. "
يشار إلى أن الاتجار بالبشر يصنف في المرتبة الثالثة، بعد تجارة المخدرات والسلاح، من حيث المبالغ التي يحقّقها على صعيد الاقتصاد الخفي. ويعتبر شكلاً من أشكال الرق، وانتهاكاً لحقوق الانسان، ويشكل جريمة تجاه الفرد والدولة معًا، وجريمة تمس الأمن البشري وأمن الدولة على حد سواء، ناهيك عن أنه يضرب القيم والمبادئ الانسانية وينتهك كرامة الإنسان.
التقرير من اعداد بسمة البيطار-البغال