السلطة القضائية بنكهة الثورة في حلب
مع انهيار النظام وانسحاب الأمن من مناطق واسعة من حلب شمال سوريا وتقدم كتائب الجيش الحر، كان لا بد من وجود هيئة يحتكم الناس إليها وتضمن حقوقهم وترعاها ويُمتثل لقراراتها. فتشكلت -بإمكانيات بسيطة ولكن بجهود كبيرة- أول هيئة قضائية مستقلة حملت اسم "مجلس القضاء الموحد".
دخل مجلس القضاء الموحد حيز العمل بمدينة حلب في منتصف أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، بعدما تلاقت في هذا السياق جهود الهيئات الشرعية العاملة داخل كتائب الثوار مع جهود تجمع المحامين المناصرين للثورة في سوريا، وبعد عمل استمر قبل ذلك نحو ثلاثة أشهر.
ويتكون المجلس من عضوية عشرين شخصا (عشرة من الشرعيين وذوي العمل الشرعي، وسبعة من المحامين، وثلاثة قضاة)، ويتبع المجلس حاليا دائرة واحدة تضم أربع محاكم وهي العسكرية والمدنية والجزائية والأحوال الشخصية، ويجري العمل على تشكيل دائرة ثانية. كما يتبع لهذه المحاكم سجن للموقوفين ومن صدرت بحقهم أحكام قضائية.
وتعنى المحكمة العسكرية بشؤون المنازعات التي طرفاها أو طرف واحد على الأقل عسكري وتشمل العسكريين المنشقين وعناصر كتائب الثوار، وتشمل قضاياها التنازع على الذخائر والأسلحة والغنائم، إضافة إلى تجاوزات بعض الثوار بالاستيلاء على سيارات لمدنيين أو عقارات، وتشكل هذه التجاوزات أكثر الدعاوى.
أما المحكمة الجزائية فتعنى بعمليات القتل والسرقات، في حين تعنى المحكمة المدنية بمعاملات البيوع والشراء وتوقيع عقود الإيجار وغيرها، في حين تعنى محكمة الأحوال الشخصية بقضايا الزواج والطلاق والإرث والحضانة وغيرها.
وتعمل محاكم المجلس وفق القانون الجزائي العربي الموحد المستمد من الشريعة الإسلامية، بعد توافق الجميع عليه من الكتائب والجهات المدنية العاملة على الأرض، ورضوا بالاحتكام إليه.
ويأمل نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى محمد نجيب بنَان أن تعم هذه التجربة القضائية جميع المحافظات لتشكل في النهاية نواة للسلطة القضائية الجديدة بعد انتصار الثورة في سوريا، ومقرها القصر العدلي ووزارة العدل في دمشق. وأشار إلى أن العديد من الهيئات الشرعية في الريف الحلبي طلبت الانضمام للمجلس.