تعليق: أهم العوامل التي تمنع تحول سوريا إلى ليبيا أخرى
صحيفة الشعب اليومية –الطبعة الخارجية ـ الصادرة يوم11 مايوعام 2011- الصفحة رقم: 01
إن اختفاء الهدوء في سوريا واستمرار الاحتجاجات غير المسبوقة التي اندلعت في بعض المدن السورية منذ منتصف مارس الماضي، جعل آفاق الوضع في سوريا غامضا. كما أن مطالبة الولايات المتحدة ودول غربية أخرى فرض عقوبات ضد سوريا جعل بعض وسائل الإعلام تذهب بعيدا في تكهناتها بشأن مستقبل الوضع في سوريا،معتقدة احتمال تطبيق الولايات المتحدة نموذج ليبيا في سوريا وتنفيذ التدخل العسكري الأجنبي، لتحول سوريا إلى ليبيا أخرى.
يعتبر مستقبل الوضع في سوريا قلقا للغاية، لكن ليس هناك علامات توحي إلى احتمال تحول سوريا إلى ليبيا أخرى.
أولا: اختلاف ظروف الوضع بين سوريا وليبيا
تتميز سوريا بنظام حكم ذو أسس قوية، ووحدة جميع شرائح المجتمع،كما أن النظام السوري نظام جمهوري وحزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع ،الانضباط الحزبي، ودرجة عالية من المركزية، بالإضافة إلى ذلك فإن النظام السوري لديه القدرات الوطنية القادرة على السيطرة ومقاومة العدو الأجنبي. في حين أن المجتمع الليبي يتألف من قبائل مختلفة وجعلت من فكرة التقسيم الخفية فرصة للتدخل العسكري الأجنبي.
ثانيا،موقع سوريا الجيواستراتيجي الفريد والهام
كانت سوريا منذ عصور قديمة تلقب بـ" قلب العالم" باعتبارها جسر يربط بين أوروبا وأسيا وإفريقيا. وفي العصر الحديث،أطلق على سوريا في السياسة الدولة لقب" اكبر بلد لأصغر بلد في العالم". لذا فإن البيئة الجيوستراتيجية لأكبر دولة في العالم قد يجعلها لقمة قاسية في أفواه الدول الغربية. لان فتح الولايات المتحدة حربا على سوريا، قد يؤدي إلى مشاركة إيرانية، وحزب الله باعتبارهما عدوان للولايات المتحدة، بالإضافة إلى خلق فوضى كبيرة في الشرق الأوسط الذي يصبح أمر لا مفر منه. لذلك، ففي المرحلة الحالية سوف تلجأ الولايات المتحدة إلى المضغ فقط.
الثا،تأثير سوريا على منطقة الشرق الأوسط
يعتبر موقع سوريا الاستراتيجي وقوتها الإقليمية والدور الحيوي الذي تلعبه في الحفاظ على الاستقرار والأمن أكثر تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا مع ايران، العراق، المملكة العربية السعودية، فلسطين، إسرائيل، تركيا،ولبنان ،كما أن سوريا هي مفتاح لا غنى عنه في حل مسائل أخرى ذات الصلة. ويعتبر تخريب سوريا هو تقسيم هيكل وموازنة القوة الكامنة في الشرق الأوسط، وتغيير نمط الشرق الأوسط بشكل كبير، واحتمال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بكاملها. كما أن إسرائيل وإيران والمملكة العربية مهما كانت عدوة أو صديقة، فإنهم لا يريدون أن تتحول سوريا إلى ليبيا أخرى،والاهم من ذلك فهم لا يحبذون تغيير بشار الأسد. لذلك ، فإن غياب دعم دول المنطقة للمخطط الغربي سوف يؤول تحويل سوريا إلى ليبيا أخرى بالفشل.
رابعا،الاختلاف بين شخصية الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الليبي معمر القذافي.
يعرف معمر القذافي بالشخصية القوية الذي لا يخاف التحدي والانشقاق، في حي أن بشار الأسد مهذب ويتوخى الحذر ولا يشتم قادة الدول الأخرى. لذلك فإن العديد من الدول العربية لا توافق الولايات المتحدة على تحويل سوريا إلى ليبيا أخرى.
قد تكون تغيرات الوضع في الشرق الأوسط له تأثير غير مباشر في الاضطرابات التي تحدث في سوريا، لكن هذه الأخيرة قد تعلمت دروسا من تجربة إسقاط حسني مبارك وتدخل القوات العسكرية الأجنبية في ليبيا. وعلى كل حال فإن احتمال منع عملية الإصلاحات التي تحدث حاليا استمرار الفوضى هو أمر وارد. وعلى العموم، فإنه من الصعب أن يتعاطى بشار الأسد بسهولة بشأن مجمل القضايا الرئيسية التي تقر المستقبل السياسي لسوريا.ووفقا للعوامل التي ذكرت أعلاه، فإن التكهنات بشأن تحول سوريا إلى ليبيا آخر تبقى بعيدة.