سوريا وتركيا: تحوّل وغموض العلاقات
تتناول دراسة للدّكتور عقيل محفوض نشرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات العلاقات السوريّة التركيّة على ضوء التطوّرات التي يشهدها البلد الفترة الأخيرة، وفي وقتٍ تضاربت فيه المواقف بشأن التّعامل مع النّظام القائم بدمشق.
ويؤكّد الباحث بدراسته: سوريا وتركيا "نقطة تحوّل" أم "رهان تاريخيّ"؟ أنّ علاقة البلدين شهدت السّنوات الأخيرة تحوّلات نوعيّة، وكانت قريبة من وضع نموذج للتحوّلات التي تطرأ على التّفاعلات السياسيّة بمنطقة الشّرق الأوسط، والتي سرعان ما تتحوّل عن هذا السّقف وتنزل لمراتبَ أخرى وتصل حد القطيعة والتّغيير.
وتؤكّد الدّراسة أنّ سوريا وتركيا اللّتين اجتهدتا في بناء "تحالفهما" خلال العقد الماضي، تتّجهان اليوم للعمل على تقويضه، انطلاقًا من قيام تركيا بمراجعة نشطة لأولويّاتها وسياساتها، بكلّ ما يقتضيه ذلك من استعدادات وقابليّات للتّراجع والالتفاف على ما جرى لصالح رهانات جديدة.
ولا بدّ أن تقوم سوريا، من باب ردّ الفعل أو كتحصيل حاصل، بعملٍ مماثل. وهذا يعني أنّ العلاقات السوريّة التركيّة تقف أمام "نقطة تحوّل" حرجة و"رهانات تاريخيّة" نشطة.
وتضيف أنّ العلاقات السوريّة التركيّة تشكل مثالا أو حيّزًا نشطًا لديناميّتين متعاكستين، الأولى سياسات وفواعل "التّقارب" و"التداخل" و"الاعتماد المتبادل"، والثّانية سياسات وفواعل "الانفصال" و"التّخارج" و"التّنافر". وإنّ استمرار تلك الديناميات المتعاكسة يُبقي العلاقات عند "نقطة التحوّل" فلا تطوي صفحتها لأنّها لم تحقّق شروطها كاملة، ويمكن تجاوز هذه النّقطة أو تتجاوز بعض شروطها عندما يتوافق الطّرفان موضوعيًّا وسياسيًّا على "تجاهل" فواعل وعوامل التّنافر، وهذا يدخل فيما يسمَّى "رهانًا تاريخيًّا"، إلا أنّهما في حال اتّجها إلى تبنِّي خيارات وسياسات المنافسة والصّراع، فإنّ ذلك يضع العلاقات أمام احتمال التّراجع عمّا كانت عليه حتّى قبل اتّفاق أضنة (أكتوبر/ تشرين الأوّل 1998) وربّما تتطوّر الأمور إلى مجابهة مباشرة.
ويشير الباحث إلى أنّ الأزمة السوريّة تعدّ مدخلا للتّدقيق في طبيعة التحوّلات والرّهانات التي شهدتها العلاقات السوريّة التركيّة، وفي المحدّدات العامّة والتجلّيات، وفي المقولات التركيّة بشأن الأزمة، إلى جانب السّيناريوهات المحتملة (من منظور تركيا).