تعليق: الاتحاد الأوروبي يتعين عليه أن يتعلم من سويسرا وألمانيا
قام لى كه تشيانغ رئيس مجلس الدولة الصيني بزيارة سويسرا وألمانيا خلال الفترة من 25 إلى 27 مايو الجاري في أول جولة أوروبية له بعد تولي منصبه. مما يجعل العلاقات الصينية مع سويسرا وألمانيا نموذجا لتطوير العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
سويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا اكبر دولة في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. ولكن للبلدين نقطة مشتركة متمثلة في أنهما من أهم رواد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وأيضا هما من الدول الأوروبية القليلة التي لديها التوازن الأساسي في التجارة مع الصين. واختيار لي كه تشيانغ الأولى هذين البلدين لزيارته الأولى بعد تولى رئيس مجلس الدولة يعكس تركيز الصين على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بينه وبين دول الاتحاد الأوروبي.
وقد وقعت الصين و سويسرا خلال هذه الجولة اتفاقا مبدئيا بشأن منطقة التجارة حرة، مما يمهد الطريق لتوقيع الاتفاق النهائي. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها توقيع مثل هذه الاتفاقية بين بكين والقارة الأوروبية، وستصبح سويسرا الدولة الأوروبية الأولى وواحدة من الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم التي توقع مثل هذه الاتفاقية مع الصين. وسوف يجلب دخول الاتفاقية حيز التنفيذ الكثير من التغيرات، ولا سيما تعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري الثنائي، ونمو الاستثمار، وتعزيز المنفعة الاقتصادية لكلي الجانبين على حد سواء. كما سوف تساعد هذه الاتفاقية الصين على تحقيق أهداف التحول الصناعي، في حين أنها تساهم في فتح أسواق خارجية لسويسرا كونه اقتصاد صغير وبحاجة إلى الصين كسوق كبير خارجي، كما سوف تلعب منطقة التجارة الحرة دورا هاما في ترقية المنتجات السويسرية كما بالنسبة لألمانيا وغيرهما من المتنافسين فيما يتعلق بالقدرة التنافسية، بالاضافة إلى فوائد مباشرة أخرى. وهذا أيضا سبب حسد رجال الأعمال في ألمانيا من إقامة منطقة التجارة الحرة بين الصين وسويسرا.
تعتبر ألمانيا أقدم شريك تجاري أوروبي للصين، وخاصة فولكس واجن وشركات السيارات الألمانية الأخرى التي دخلت السوق الصينية في وقت مبكر واكتسبت اكبر حصة في السوق الصينية. وفي الوقت الحاضر، تشهد العلاقات الصينية ـ الألمانية تطورا سريعا وخصوصا في المجال التبادل التجاري حيث يمثل حجم التجارة الثنائية بين البلدين 1/3 من حجم التبادل التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي. كما تعتبر الصين وألمانيا من دول التصنيع الكبرى في العالم وهما مصدران رئيسيان في العالم، إلا أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين متوازنة تقريبا. ووفقا للإحصاءات الصينية فقد ظهر تنامي الفوائض خلال العامين الماضيين. ووفقا للإحصاءات الألمانية، هناك عجز في التجارة مع الصين، ولكن حجم العجز يتناقص تدريجيا. وهذا علامة جيدة جدا لأكبر بلد مصنع واكبر بلد مصدر في العالم.
وهناك العديد من نقاط يمكنها أن تحفز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وألمانيا في المستقبل، مثل الصناعات الراقية، الطاقة المتجددة، الزراعة الحديثة، الخدمات الحديثة. بالإضافة إلى أن اعتماد الصين على تطوير التحضر في الخطوة التالية للتنمية الاقتصادية في الصين، سوف يخلق مساحة واسعة من التعاون بين الصين وألمانيا. وخلال زيارة رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ إلى ألمانيا وتوقيع الجانبين وثائق التعاون حول الحفاظ على الطاقة، الاستثمار والزراعة والتعليم وغيره من مجالات التعاون الأخرى، سوف تكون قوة دفع جيدة للتنمية الصين وألمانيا في السنوات الأخيرة. كما يساعد التعاون التجاري بين الصين وألمانيا أيضا على تعزيز الثقة المتبادلة بين الصين والاتحاد الأوروبي، وتعزيز التنمية الشاملة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
لكن السياسات التجارية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي اتجاه الصين في الآونة الأخيرة، تتعارض مع الاتجاه الحالي للتعاون الجيد بين الصين وسويسرا وألمانيا. حيث هددت المفوضية الأوروبية بفرض رسوم مكافحة الإغراق والرسوم التعويضية على المنتجات الكهروضوئية الصينية، ولكن أيضا هددت بقيام بتحقيقات "مكافحة الإغراق والرسوم التعويضية" لمنتجات الاتصالات الصينية العالية المستوى . وإن مثل هذه الممارسة السلبية تضر لنفسهم وللآخرين تثير جدلا كبيرا في الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا، وسوف تعاني الشركات PV من ضرر كبير، كما أن هذه الممارسة غير الموضوعية وغير العادلة لا تفضي إلى استقرار ووحدة الاتحاد الأوروبي. وإذا أصرت المفوضية الأوروبية على تنفيذ تهديدها فإن الصين سوف تتخذ تدابير مضادة لا محالة، وهو بلا شك سيؤثر على استعادة نمو اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي المعتمدة على الصادرات. بطبيعة الحال سوف تعاني العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي ضررا كبيرا.
يبين التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وسويسرا والصين وألمانيا أن الصين والاتحاد الأوروبي يمكنهما أن يتبادلا المنافع تماما. وأن الانخراط في الحمائية التجارية لا يمكن الحفاظ على القدرة التنافسية لمؤسسات فقط بل سوف يكبدها خسائر كبيرة أيضا. وإذا كان موقف الاتحاد الأوروبي أفضل قليلا، وفهم الصين بموضوعية أكثر، سوف يكون اتجاه العلاقات الصينية والاتحاد الأوروبي أكثر سلاسة. وقيادة سويسرا وألمانيا الطريق سوف يجعل الاتحاد الأوروبي يدرك في نهاية المطاف اتجاه التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/