تعليق: إمكانية عودة أزمة الغذاء العالمية لا تزال واردة
قبل 4 سنوات، كان ضعف المحصول، والسياسات التجارية الخاطئة، إلى جانب الإدارة غير المناسبة، بمثابة العوامل غير الملائمة التي اجتمعت لتؤدي إلى أزمة غذائية عالمية، هددت حياة ولقمة ملايين الأشخاص.
وفي العام الحالي، من المرجح أن يدفع الجفاف الذي شهده الوسط الغربي الأمريكي إلى إرتفاع أسعار السلع الزراعية الرئيسية. وهذا ربما يعد اختبارا مبكرا للتعهدات التي قدمتها مختلف الدول لتحسين الأمن الغذائي العالمي بعد أزمة الغذاء العالمية في عامي 2007 و2008.
المؤسف هو أن التقدم الذي أحرزته مختلف المناطق كان متفاوتا. حيث اعتمدت بعض المناطق سياسات أكثر كارثية من ذي قبل. لكن بالنظر من زاوية متافئلة، فإن المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي للزراعة قد شهدت زيادة ملموسة (لكن، يجب الإنتباه إلى أن أي هدف كمي يمكن يسقط في الماء، لأن الدول المتبرعة قد تعتبر المساعدات الموجودة أصلا على كونها مساعداة جديدة. )
أما التقدم الذي تم احرازه على مستوى إصلاح المساعدات الغذائية الإنسانية فقد كان أكثر تفاوتا. حيث قالت الولايات المتحدة الكثير من الكلام الجميل في لاكيلا الإيطالية، وأعربت عن عزمها اتخاذ أكثر طرق المساعدات فاعلية تدريجيا، عبر شراء الغذاء المطلوب للإغاثة من الأماكن القريبة من المناطق المنكوبة، وليس االتفويت في فائضها الزراعي للمنكوبين. وقد وضعت هيئة التنمية الدولية الأمريكية مخططا للمساعدات الغذائية "الشراء محليا"، كما قامت بإدخال بعض الإصلاحات على مخططات المساعدات الغذائية الكبيرة في القانون الزراعي الأمريكي (هناك نقاشات ساخنة داخل الكونغرس حول هذا القانون في الوقت الحالي). لكن الإصلاحات الأخرى التي تضمنها القانون الزراعي لم تحمل فائدة كبيرة، خاصة الإصلاح المتعلق بإعادة ربط مبالغ الدعم الزراعي بكمية الإنتاج، وهذا يجعل نمط الإستهلاك الزراعي والغذائي العالمي يخضع إلى توجيه السياسة الأمريكية.
خلال الأزمة الغذائية في عامي 2007 و2008، أدت القيود التي وضعتها كل من روسيا وأكرانيا والدول الزراعية الكبرى الأخرى على الصادرات إلى إرتفاع ظرفي للأسعار العالمية للغذاء. ولأن قمة العشرين (G20)التي إنتظمت في فرنسا العام الماضي قد أخفقت في التوصل إلى اتفاقية ردعية، لذلك فإن العالم مازال في حاجة إلى آلية فعالة لمراقبة حظر الصادرات، بل ليس هناك أساس للإعتراف بمنطقية مراقبة حظر الصادرات.
على سبيل المثال، قامت تايلند التي تعد احدى أكبر الدول أنتاجا للأرز في العالم بإتخاذ سياسة قومية خاطئة تهدف إلى شراء الأرز من المزارعين وبيه عبر المضاربة، ما أدى إلى تراجع الصادرات. في ذات الوقت، لاتزال جهود لوائح منظمة التجارة العالمية(WTO)المتعلقة بوضع الصادرات الحالي غير كافية، كما أن الإقتراحات التي تهدف إلى تقوية هذه اللوائح لم يتم ادراجها في المحادثات التجارية لجولة الدوحة التي تحتضر.
من حسن الحظ، أن هامش ارتفاع أسعار الغذاء لايزال إلى حد الآن غير شبيه بما كان عليه في عامي 2007 و2008، لكن، نظرا لأن الإصلاح لم يشمل الجزء المفصلي داخل السياسات الزراعية، فإن إمكانية عودة شبح أزمة الغذاء العالمية لاتزال واردة.