تقرير: صراع أذرع بين أمريكا وإيران على مضيق هرمز
صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية – الصادرة يوم 19 يوليو عام 2012 – الصفحة رقم 06
صرح الجيش الإيراني بأن إيران قد حددت مخططا طارئا لغلق مضيق هرمز. وقال بأن تنفيذ هذا المخطط يحتاج فقط لأوامر القائد الأعلى. وفي الأيام الأخيرة، قام الجيش الأمريكي بنشر غواصات غير مأهولة في الخليج، للحيلولة دون غلق إيران المضيق.
التأثيرات الكبيرة لغلق المضيق
مضيق هرمز هو المعبر المائي الوحيد الذي يصل بين الخليج الفارسي والمحيط الهندي، وهومعبر يكتسي أهمية استراتيجية كبيرة. ووفقا لإحصاءات الهيئة الأمريكية لمعلومات الطاقة، فإن مضيق هرمز يؤمن عبور قرابة 40% من صادرات الطاقة العالمية، بمعدل مرور ناقلة نفط واحدة في كل 5 دقائق. وفي حال أغلقت إيران مضيق هرمز فلن يؤدي ذلك إلى إرتفاع أسعار النفط فحسب، بل سيقطع العصب الأكبر للإقتصاد العالمي، وهذا سيمثل صدمة لايمكن تقديرها بالنسبة لأوروبا الغارقة في الديون وأمريكا التي تحاول إنعاش اقتصادها.
إغلاق مضيق هرمز له تأثيرات كبيرة أيضا على الدول المنتجة للنفط والواقعة على ضفاف الخليج العربي. ورغم أن السعودية والإمارات قد نجحتا في توصيل أنابيب لنقل النفط بعيدا عن مضيق هرمز، في محاولة لتقليص التأثير الإيراني على سوق النفط الخام، لكن قدرات هذه الأنابيب على نقل النفط تبقى محدودة، ولايزال الجزء الأكبر من نفط الدول الخليجية المنتجة يمر عبرمضيق هرمز. كما أن الأنشطة التجارية الأخرى لهذه الدول لايمكنها الإستغناء عن هذا المضيق.
ايران لايمكنها التهور
يرى بعض المحللين، أنه بالنسبة لإيران التي تعد ترسانتها العسكرية متخلفة كثيرا عن الولايات المتحدة، لا شك بأن غلق مضيق هرمز هو الطريقة المثلى للإستفادة من "موقعها الجغرافي المناسب"، كما أن الجهات العسكرية الأمريكية والأوروبية لا تنكر بأن إيران لديها الوسائل الكافية لغلق هذا الممر الإستراتيجي الضيق والقصير. لكن بالنسبة لإيران، فإن غلق ممر الطاقة العالمية يعني قطع خيط حياتها عبر بتر أطرافها.
فمن جهة، مضيق هرمز لا يؤمن نقل صادرت إيران من الطاقة فحسب، بل هو أيضا بوابة كبرى لواردات إيران من المواد الغذائية. لذلك، فإن غلق مضيق هرمز لن يمثل حلا جذريا لمشكلة الإقتصاد الإيراني. هذا الإجراء من شأنه أيضا أن يؤثر على نقل المعدات المتعلقة بحالة الـتأهب للحرب، وهوما من شأنه أن يحد من التحركات العسركية الإيرانية. ومن جهة أخرى، تدرك إيران جيدا أن غلق مضيق هرمز سيحفز أمريكا وحلفائها على القيام برد عسكري، ولن يكون بإمكانها تجنب الحرب، وقد تهدم المنشاءات النووية التي بنيت عبر جهود مضنية في لحظة.
من هنا يمكن القول، ان غلق مضيق هرمز يعد "سيفا ذي حدين" بالنسبة لإيران، وان ايران ستكون أول من يدفع ثمن هذا الإجراء، لذا، فإنها لن تقدم إطلاقا على "بتر أطرافها". وحتى تصريحات إيران بغلق مضيق هرمز ليس إلا نتيجة لتأثيرات العقوبات الكبيرة التي تفرضها أمريكا وأوروبا عليها، وفي ظل تدهور الإقتصاد المحلي، وارتفاع التضخم، فإن الهدف من ذلك هو القيام برد فعل على العقوبات الأمريكية الأوروبية الجديدة، وإرسال رسالة مفادها أن "إيران مستعدة جيدا للحرب."
من الصعب اندلاع حرب في الأفق القريب
نشرت وكالة رويترز في شهر مارس من العام الحالي تقريرا استطلاعيا، أظهر أنه اذا تم العثور على دليل على قيام إيران بتصنيع أسلحة نووية، فإن 56% من الأمريكيين سيساندون رئيسهم من أجل "ضرب إيران". في حين يعتقد بعض المحللين أن تطرف الأمريكيين لايعني بأن أمريكا ستقدم على خوض الحرب، ورأوا بأن نتيجة الإستطلاع تعكس مشاعر إمتعاض ا لأمريكيين من ايران لاغير.
ويشير الخبراء إلى أن إيران تعد دولة قوية عسكريا في الشرق الأوسط، وأنه في حال اندلعت حرب بين أمريكا وايران، فإن هذه الحرب لن تكون سهلة مثل الحرب الليبية، كما من المحتمل أن تتحول إلى حرب طويلة المدى. وفي ظل تواصل أزمة الديون الأوروبية، واستمرار ركود الإقتصاد الأمريكي، وعدم تراجع خطر"الجرف المالي"، فإنه على المدى القصير لن يكون بإستطاعة الحكومة الأمريكية تحمل حرب "محرقة للأموال".
كما لن تغامر إدارة أوباما بالقيام بتحرك عسكري في عام الإنتخابات، لذا ستواصل إعتماد الوسائل الدبلوماسية والعقوبات من اجل إجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي. ويشير المحللون إلى أن أمريكا تأمل أن يستمر الوضع المتوتر في الشرق الأوسطـ، للجم نفوذ مختلف القوى، ومنع إيران من الإستفراد بالمنطقة بعد خروج أمريكا منها.