تعليق: كيف نقرأ إجتماع جينيف حول الأزمة السورية؟
صحيفة الشعب اليومية – الصادرة يوم 03 يوليو عام 2012 – الصفحة رقم 21
أختتم إجتماع وزراء خارجية "مجموعة العمل" من اجل الأزمة السورية في جينيف قبل أيام. فما هو الإتفاق الذي توصل إليه مختلف الأطراف المشاركة؟ وأي تأثير سيمثله هذا الإجتماع على الأزمة السورية؟ لكل طرف قرائته الخاصة لهذا الشأن. وللإجابة عن هذه الأسئلة، علينا أن نقرأ جيدا البيان الذي صدر بعد الإجتماع، ونرى ما هي الرسائل التي بعثها بالضبط.
بالنظر إلى محتوى البيان، فإن أكبر نتيجة خرج بها المؤتمر هي حماية ودفع عملية التسوية السياسية للأزمة السورية. أما ميدانيا فقد ظل الوضع السوري خلال الفترة الأخيرة يشهد تصعيدا مستمرا، وتواصلا لأعمال العنف، كما تواصلت الدعوات إلى فرض العقوبات والتدخل العسكري في سوريا. وأصبح إستمرار مهمة الوساطة في الأزمة السورية التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية في حد ذاتها مشكلة.
وفي هذا الصدد، طالب البيان المجتمع الدولي بتوفير الدعم لوساطة عنان، وأكد على ضرورة مواصلة تنفيذ "النقاط الستة" لمهمة عنان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهذا يدل على أن مختلف الأطراف بما في ذلك الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن قد حققت إجماعا حول التسوية السياسية للأزمة السورية، وهناك شعور ملح بضرورة قيام المجتمع الدولي بتحركات متطابقة. وهذا لا شك أنه سيساعد على تهدئة الوضع المتوتر في سوريا، ويدفع مختلف الأطراف السورية إلى وقف إطلاق النار وأعمال العنف في أقرب وقت ممكن، وفتح حوار سياسي شامل، وتوفير دفع كافي لعملية التسوية السياسية.
الرسالة الهامة الأخرى التي بعثها هذا البيان، هو أن القضية السورية ستدخل مرحلة الإنتقال السياسي خلال الفترة القادمة. حيث ذكر البيان بوضوح، ضرورة جمع مختلف الأطراف بما في ذلك الحكومة السورية الحالية والمعارضة وشخصيات أخرى، وفقا لـ"آلية إدارة إنتقالية" والإعتراف المتبادل. وهناك بعض الغربيين فسروا ذلك على كونه مطالبة بـ "تنحي بشار"، في حين نفت روسيا ذلك. في المقابل يعبر صدى صوت عنان على وجهة نظر التيار الرئيسي داخل المجتمع الدولي، حيث أشار بوضوح إلى أن مصير بشار سيحدده الشعب السوري.
ووفقا للتقارير الأجنبية، فإن مراحل التشاور حول البيان قد شهدت نقاشات حامية حول ما إذا سيتم إقصاء بعض الشخصيات من مرحلة الإنتقال السياسي في سوريا أم لا. وتحت جهود الصين وروسيا وأطراف أخرى تم في النهاية إقحام نقاط تنص على ضرورة أن يحدد الشعب السوري مستقبله بنفسه، وأن تشارك مختلف الكتل والطوائف السورية في مراحل الحوار الوطني التي يجب أن شاملة وذات مغزى. وقد جسد ذلك إحتراما كاملا لإرادة الشعب السوري.
إن القضية السورية معقد وبالغة الحساسية، وإن إنعقاد إجتماع وزراء خارجية "مجموعة العمل" من أجل سوريا، لا يعني أن الأزمة السورية ستصل إلى حل سريع. في المقابل، فإن المجتمع الدول مطالب ببذل المزيد من جهود الوساطة، والقيام بالتأثير المتوازن والإيجابي على مختلف الأطراف السورية، ومطالبة مختلف الأطراف السورية بوقف إطلاق النار وأعمال العنف، والقيام بتحركات فعلية لفتح حوار سياسي شامل. وإذا تمسكت مختلف الأطراف بإتجاه التسوية السياسية الذي أكد عليه البيان، والتمسك بضرورة أن يقرر الشعب السوري مستقبل وطنه سوريا، فإن الأزمة السورية من الممكن أن تتقدم على نهج التسوية العادلة والسلمية والملائمة.