تعليق: لماذا نجح الشريط الوثائقي "الصين على طرف اللسان"؟、
نجاح الشريط الوثائقي "الصين على طرف اللسان" لم يجذب أعدادا كثيفة من المشاهدين فقط، بل أسال دموع التأثر عند الكثيرين أيضا.
وإذا نظرنا من زاوية إختيار الموضوع أو توقيت البث، يمكن القول أن وثائقي " الصين على طرف اللسان" في وضع ضعيف. لكن النجاح الباهر الذي حققه جعل تفكيرنا يتجاوز "فنون الطبخ."
منذ البداية لم يكن شريط "الصين على طرف اللسان" مجرد وثائقي عن المأكلولات. من الصين على طرف اللسان إلى مذاق الموطن الأصلي، عكس الشريط الكثير من الأحاسيس العميقة، وهو ما جسد تميزه--- "من خلال نافذه فنون الطبخ يمكن التعرف على الصينيين، وعلاقة الصينيين بالطعام، وعلاقة الإنسان بالمجتمع."
بعد مشاهدة هذا الوثائقي المليئ بالمشاعر، هناك من تذكر "مذاق أمه" خلال الصغر، وهناك من شعر بصعوبة أعمال الزراعة، كما هناك من صعده ليرى فيه مآثر في "حب الوطن"، وهناك من رفعه لمقام "نشر الثقافة".....فكيف أمكن لهذا العمل أن يحظى بمثل هذا التأثير الكبير العابر لموضوعه الأصلي في ظرف قياسي؟
"ليس دعاية فارغة لثقافة فنون الطبخ العريقة، بل محاولة لإثارة صدى مشاعر الإنسان من خلال الحرف ومراحل الإنتاج التي تميز فنون الطبخ، ثم ملائمتها مع الحياة العادية للإنسان. " وفي تعليق لأحد مستعملي الإنترنت، أشار إلى أن سر نجاح هذا الفيلم يكمن في الصدق، وقوة الحقيقة. إذ عندما ننظر إلى الأفلام الموجودة على الساحة حاليا، نرى أن لاشيء ينقصها؛ الإسثثمارات الضخمة، التقنيات العالية، المشاهد الكبرى....ما ينقصها فقط هو الحقيقة، حيث تم فعل كل شيء على ما يرام وبقيت الحقيقة العنصر الوحيد الغائب.
هناك مقولة لا تسر الأذن: الأمريكيون يحبون تصوير أفلام الخيال العلمي لأن ليس لهم تاريخ، والصينيون يحبون تصوير الأفلام التاريخية لأنهم لاينظرون إلى المستقبل. هذا الإستنتاج التعسفي جدير بالإدانة لكنه يثير مسائل جديرة بالتدبر أيضا. عندما نرابط في أبراجنا العاجية، ولا نهتم بالواقع، أو لانهتم إلا بذوق الاقلية المترفة، ونتجاهل رغبات الأناس العاديين، فلا سبر التاريخ وغور المستقبل يمكن أن يمس مشاعر الناس.
يشهد الإصلاح الثقافي تقدما مضطردا. وتفرض تحديات التغيير وضغوط الإبداع إختبارات صعبة على كل الممتهنين لقطاع الثقافة. وبصفته شريط وثائقي تجاري، يقول لنا وثائقي "الصين على طرف اللسان"، حتى إن كان الموضوع عن "الوطنية"، يمكن أن يكون مليئا بالتفاصيل والمشاعر الدافئة، وحتى إن تعلق الأمر بنشر صورة الصين، فيجب عرض فرح وغضب وحزن وسعادة الإنسان الصيني العادي، وحتى إن كان برنامجا تجاريا عاديا، يمكنه أن يحقق الفوز المضاعف للفن والإقتصاد.
"صورت هذا الفيلم وأنا أحمل تقديري واحترامي لفن الطبخ." هذه الجملة التي قالها المخرح تشن شياوتشينغ تركت إنطباعا عميقا لدى الناس. لأن الصدق هو المعنى الأهم في الفن، ولا يمكننا أن نؤثر في الآخرين إلا بعد تأثيرنا في أنفسنا، ولا يمكننا أن نقنع الآخرين إلا عندما نكون نحن أنفسنا مؤمنين، وهذا هو "سر" نجاح هذا الفيلم، وهذا هو الأمر الذي يجب أن يفكر فيه كل منتج في الميدان الثقافي.