تعليق: معالجة قضايا الشرق الأوسط تحتاج إلى تدعيم الحس البراغماتي
صحيفة الشعب اليومية – الصادرة يوم 16 فبراير عام 2012 – الرقم 02
يتسع نطاق الصراع الدموي في سوريا بإستمرار، وهناك نذر بنشوب حرب داخلية. وفي الأثناء تتصاعد حدة توتر المسألة النووية الإيرانية. فيما تتعالى أصوات بعض الأطراف الخارجية للتدخل العسكري، وقد وصل الأمر إلى التجرؤ على التخطيط "الحل الجماعي" عن طريق التدخل في الأزمتين في نفس الوقت.
"الحل الجماعي" يحتوي على منطقه الخاص. إذ تعتبر إبران العدو الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتعد سوريا الحليف الأقوى لإيران في المنطقة. وإذا ظهرت حكومة موالية للغرب في سوريا فإن إيران ستفقد أهم ركائزها في المنطقة. وترى بعض وسائل الإعلام الأمريكية أن الإطاحة بالحكومة السورية الحالية يتعلق مباشرة بقواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
لو وضعنا مبادئ وأهداف "ميثاق الأمم المتحدة" على جهة، وتناولنا المسألة بالكامل من الزاوية البراغماتية، فإن معالجة قضايا الشرق الأوسط عبر عملية قيصرية سوف لن يحل المشكلـ، والخطر الأكبر هو أن مثل هذا الإجراء سوف لن ينشر الفوضى في المنطقة فقط، بل قد يؤدي إلى صراع واسع النطاق. خاصة و أن البيئة السياسية في الشرق الأوسط تعاني من هشاشة كبيرة، في ظل تواصل النزاعات العرقية والطائفية التي تعود إلى ألف سنة. زد على ذلك أن الصراعات الصغرى في الشرق الأوسط لم تتوقف منذ وقت طويل، وقد شكلت تدريجيا نوعا من التوازن الهش. وإذا تم إرباك هذا التوازن فإن مختلف القضايا الكامنة ستطفوا على السطح، ولن يكون بإستطاعة أي دولة أجنبية كبرى أن تسيطر على الوضع.
تعتبر منطقة الشرق الأوسط "الخزان النفطي" الأهم في المنطقة، وإذا حدثت إضطرابات كبيرة داخل الشرق الأوسط فإن أسعار النفط ستسجل صعود مدوي، و هذا سيعود بالوبال على سوق الأسهم و النظام المالي، والإقتصاد المادي. ونظرا لأن الإقتصاد العالمي يمر بمرحلة مفصلية لإعادة الإنتعاش، فإن حدوث إنهيار ثاني قد يؤدي إلى كارثة.
الشرق الأوسط هو منطقة تتشابك فيها المصالح الإستراتيجية للكثير من الأطراف، وحصول إضطرابات في هذه المنطقة يعني كارثة لايمكن للعالم تحملها. لذلك فإن معالجة قضاي الشرق الأوسط في حاجة إلى تمتين الحس البراغماتي.