تعليق: الدبلوماسية الصينية في حاجة إلى أن تكون أكثر إيجابية
بقلم دينغ قانغ، كبير صحفيي صحيفة الشعب اليومية
حققت الدبلوماسية الصينية إنجازات هامة، حيث أصبح صوت الصين مسموعا، وأصبحت الكثير من الدول تنتظر سماع صوت الصين في القضايا المحورية. وإن إسماع الصوت أمر هام، لكن الأم هو طرح رؤية لحل الأزمات، والسعي بجدية لحل الأزمات بناء على هذه الرؤية.
من الإمتناع عن التصويت إلى إستعمال حق النقض، ثم إلى معارضة بعض الممارسات غير المسؤولة والمنتهكلة للمبادئ الدولية علنا، أظهرت الصين بوضوح موقفا ينم عن معرفة بحل القضايا العالمية الشائكة، وهذا يعد تقدما كبيرا. لكن الذي مازالت تدعو الحاجة إلى فعله هو طرح خارطة طريق لحل الأزمات، والدفع بتنفيذ خارطة طريق صينية، وعدم الإكتفاء بالتفرج على الوضع. كيفية التصويت أمر صعب، والأصعب من ذلك هو حل القضايا، وهذه "الصعوبة" تمثل إختبارا اعسيرا ستواجهه الدبلوماسية الصينية، و المؤكد أن الصين لايمكنها تجنب هذا الإختبار بعد المؤتمر الثامن عشر للحزب
تتمسك الصين بدبلوماسية النمو السلمي، لكن السعي إلى السلام لايعني عدم حل القضايا، ولا الإطالة في أمد حلها، بل يجب أن تصاحبه قرارات ومواقف ومشاركة، إلى جانب تكوين رؤية كاملة تحتوي على مسار و طرق وخارطة طريق لحل سلمي للقضايا الشائكة، والأهم من ذلك هو إحراز نتائج وفقا للرؤية الصينية.
الدبلوماسية هي إستراتيجية وليست تعاملا مع القضايا فقط. وضبط النفس هو وسيلة وليس هدفا. ولتحقيق الأهداف الإستراتيجية يجب أن لانعتمد دائما على ضبط النفس، بل يجب أن نحل القضايا بإستمرار، ونحرز تقدما فس ذلك بإستمرار. الإستراتيجية الكبرى تستوجب الجرأة، وخاصة الجرأة على تحمل المخاطر، كما تستوجب التحرك إنطلاقا من زاوية حل معين للقضايا. تماما مثل الحرب، ليس هناك تنفيذ ناجح لإستراتيجية ما لايحتوي في داخله على مخاطر. والإستراتيجية الأنجح تكمن في قدرتنا على إمتلاك العزيمة والشجاعة اللتين لا تهابا المشاكل وتجرؤ على تحمل المخاطر.
سياسة االدفاع الوطني الصيني يمكن أن تستعمل في الدفاع، لكن، لايمكن إستعمالها في الدبلوماسية . حيث أصبحت الصين طرفا دوليا هاما في العالم، ويجب أن يكون لديها إستراتيجية قادرة على التحكم في كامل الوضع. و تطوير القدرات العسكرية يعد حلقة هامة ودعامة أساسية للإستراتيجية الدبلوماسية. لكن، في النهاية يبقى حل القضايا يعتمد على الإستراتيجية الدبلوماسية. أما تطوير القوة العسكرية فلن تتضح قوته إلا إذا تطابق مع تقدم السياسة الخارجية.
إذا تحدثنا على الإستراتيجية فيجب أن نتحدث عن التنسيق، ونتحدث عن أخذ الأسبقية والمبادرة. وفي ظل المخاطر المتزايدة التي تواجهها الدبلوماسية الصينية، يجب على الصين أن تعمق التنسيق الجماعي بين مختلف هياكل الدولة، في ذات الوقت من الضروري وجود أفق واضح ونظرة طويلة المدى وتشكيل تكتيك شامل ومتكامل متعدد الطبقات يحتوي على الخفيف والثقيل والقصير والطويل. والتقدم وفقا لإتجاه الوضع والوضع برمته، وتغيير عقلية "الخروج بأقل الأضرار"، وتغيير التعاطي السلبي مع الأحداث.
الصين اليوم تختلف كثيرا عن السابق، وصورتها اليوم لايمكن تصغيرها مهما حاولنا، وهناك الكثير من القضايا يجب على الصين أن تعبر عن موقفها بوضوح حيالها، إلى جانب ذلك يجب المشاركة في حل هذه القضايا. وحتى لو كانت هذه القضايا ليست في علاقة مباشرة مع الصين، لكن هذا هو إنتظار العالم من الصين كدولة كبرى. حل هذه المشاكل قد يجلب بعض المخاطر، لكن يجب أن نعلم أن المسؤولية والمخاطر والمصالح حلقات مترابطة بين بعضها البعض.
هناك من يرى أن تطور الإقتصاد، سيجعل وزن الدولة أقوى، حيث يكون بإمكان الصين أن توفر الكثير من المصالح والفرص المشتركة و السلع العامة للعالم. لكن في الواقع، هناك علاقة طردية بين هذين الأمرين. فإذا لم يكن الإقتصاد قويا، فمن الصعب توفير المزيد من السلع العامة، ولن يكون هناك سعي لتوفير مزيد من السلع العامة، وبذلك من الصعب أن تكون هناك بيئة خارجية جيدة للإقتصاد.
إن نموذج النمو السلمي يجب أن يبنى على أساس تراكم الحلول للمشاكل. وسياسة دبلوماسية النمو السلمي يجب أن تحتوي على "معادلات" لحل القضايا الدولية المعقدة، وهذه "المعادلات" ستصبح "العرف الجديد" لحل القضايا الدولية في القرن 21.
النمو السلمي يجب أن يساعد على جلب النمو للآخرين، كما يجب أن يساعد الدول الأخرى على معالجة وتهدئة صراعاتها ونزاعاتها الداخلية والخارجية. وإذا توصلت بعض القضايا الدولية تدريجيا إلى حلول من خلال "المعادلة" الصينية، فإن هناك بعض القضايا الإقليمية والدولية، وحتى بعض الصراعات المتاخمة للصين والتي ليست لديها علاقة كبير بالصين، سيكون بإمكانها التوصل إلى تسوية وحلول من خلال "خارطة الطريق" الصينية، وبذلك سيكون بإمكان الصين تحقيق "التصدير الفكري" .