تعليق: سعي المملكة العربية السعودية لامتلاك الأسلحة النووية رهان محفوف بالمخاطر
بقلم/خوان لي مينغ باحث خاص بمعهد الصين للدراسات الدولية
أثار تلميح الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل مؤخرا إلى احتمال سعى المملكة لامتلاك أسلحة نووية لمواجهة التهديدات من إيران و إسرائيل، قلقا كبيرا بين الناس،وكسى السماء غمامة سوداء تنذر عن عاصفة مطرية سوداء متوقعة في الشرق الأوسط. فهل المملكة العربية السعودية تريد الانضمام إلى سباق التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط؟
إن فكرة امتلاك المملكة العربية السعودية للأسلحة النووية ليست وليدة اليوم. إذ أنها رفضت ولفترة طويلة الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).،كما أثار حصولها على صواريخ متوسطة المدى سرا في عام 1988 ضجة كبيرة في الكونجرس الأمريكي. وتسبب في وقف الولايات المتحدة الأمريكية بيع الطائرات للمملكة العربية السعودية ،وتأخير مبيعات الأسلحة بقيمة 450 مليون دولار. وبعد 4 سنوات من المفاوضات المراثونية والشاقة، توصل الجانبان في عام 1992 إلى اتفاق يقضى بقبول المملكة العربية السعودية على مضض الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي، في مقابل قبول الولايات المتحدة على حصول المملكة العربية السعودية لصواريخ متوسطة المدى.
وخلال 20 عاما، شهدت البيئة السياسية في منطقة الشرق الأوسط تغيرات كبيرة،من بينها بروز إيران الأكثر إلحاحا. لذلك، فإن مواجهة المملكة العربية السعودية لإسرائيل تحتاج إلى مواجهة خصر آخر قدرة إيران النووية النامية. وتواجه العلاقات السعوديةـ الإيرانية مؤخرا توترا ملحوظا، جعل السعودية تفتح أفاق جديدة للشواغل الأمنية الخاصة. حيث أن الأخيرة يمكن أن تكون أول ضحايا امتلاك إيران للنووي في أقرب وقت ممكن، وبداية الحرب بين الولايات المتحدة وإيران. وإن الاهتمامات السعودية ليست أمرا غير معقول. وقد يكون ما لمح إليه الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل ليس رسميا، ولكنه علامة قوية على مشاركة المملكة العربية السعودية إيران وإسرائيل في سباق التسلح النووي.
أكد محمد البرادعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 2006، أن السلاح النووي يولد السلاح النووي، ومادام هناك بعض البلدان تصر على امتلاك السلاح النووي، فإن البلدان الأخرى قد تجد نفسها مدفوعة للحصول على سلاح نووي."وهذا هو الواقع القاسي.
أصبحت منطقة الشرق الأوسط بعد نهاية الحرب الباردة محفوفة بالمخاطر،وفقدت الدول العربية دعم الاتحاد السوفيتي السابق،كما أن الانهزام المتكرر في الحرب ضد إسرائيل أدى الى الانتشار السريع للإحساس القوي بالإذلال والمشاعر المعادية لإسرائيل وأمريكا في الدول الإسلامية، لكن ليس لديهم القوة لمحاربة أمريكا وإسرائيل. وهكذا،ولد الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل كتوأم في العالم الإسلامي، وهما رأس سهم الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة،ولكنه اسقط ضحايا مدنيين أبرياء في جميع أنحاء العالم.
لقد تم صياغة قواعد اللعبة لاتفاقية منع الانتشار النووي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، للعب دور مهم في الحد من انتشار الأسلحة النووية. بيد أنها، ليست سوى حلا مؤقتا بدلا من أن تكون دائمة. والمشكلة الرئيسية هي أن العالم لا يزال يعيش بعيد عن السلام. وبالأخص، التهديدات التي تواجه سيادة واستقلال أطراف معينة التي لا تمتلك الأسلحة النووية من قبل الدول الكبرى. ولا يزال هناك الكثير من الدول تسعى للحصول على الأسلحة النووية، بالرغم من أنها ليست الدواء الشافي لحماية الأمن الوطني. وإن الرعب الذي نتج عن غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، جعل القذافي يتخلي عن محاولة امتلاك الأسلحة النووية تلقائيا،لكن، مصيره بعد ثمانية سنوات، حفز المزيد من البلدان على تسريع الخطى للحصول على التكنولوجيا النووية،وإيران إحدى هذه الدول،إذ أن امتلاك الأخيرة النووي دفع بالكثير من دول الشرق الأوسط في سعي للامتلاك للأسلحة النووية،وإنشاء دائرة مفرغة.
زرع امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية بذور سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط. وفي وقت مبكر دخل صدام حسين ومعمر القذافي وإيران سباق تسلح نووي مع إسرائيل ، لكن صدام حسين ومعمر القذافي هما من خسرا في هذا السباق، وفقد حياتهما أيضا. و تجري إيران حاليا مقاومة عنيدة أيضا. لكن الولايات المتحدة مستحيل أن تسمح لإيران أن تكون الدولة الثانية بعد إسرائيل التي تمتلك الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط،والمواجهة هي مسألة وقت لا غير. ويجب على المملكة العربية السعودية الإعلان عن الانسحاب من اتفاقية منع الانتشار النووي اذا أرادت امتلاك النووية، هل ستفتح الولايات المتحدة الأمريكية الضوء الأخضر؟
لقد تحصلت الهند سابقا على النووي بعد موافقة أمريكا ورضا الغرب.ومع ذلك،فإن سعي المملكة العربية السعودية لامتلاك الأسلحة النووية رهان محفوف بالمخاطر.