تعليق: الاعتماد الكلي على الصين في حل أزمة الديون الايطالية غير واقعي
صحيفة المالية الدولية تابعة لادراة صحيفة الشعب اليومية- الصادرة يوم 14سبتمبر عام 2011- الصفحة رقم:01
انخفض الشعور العام بالثقة تجاه الاقتصادات الأوروبية بعد تصاعد أزمة الديون السيادية الأوروبية،وتردد ألمانيا في مضاعفة المساعدات لحلفائها. ولمواجهة أزمة الديون السيادية الايطالية كان من الضروري أن تتوجه هذه الأخيرة لطلب المساعدة من الصين. وأفادت بعض التقارير أن حكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني ناقشت مع الجانب الصيني الاستثمار في السندات الحكومية الإيطالية وشراء حصص أسهم في شركات مهمة في إيطاليا. وقد أدت هذه الأنباء إلى ارتفاع أسواق الأسهم الأوروبية بقوة في مستهل التداول ،وارتفاع اليورو على الفور ذلك اليوم مدعوما بتقارير طلب ايطاليا من الصين شراء كميات كبيرة من أدوات الديون الايطالية .
وحول الشكوك التي تحيط بمصداقية هذه المعلومات، قال شي جين يانغ نائب مدير مركز بحوث المالية الحديثة بجامعة شانغهاى للمالية أن احتمال شراء الصين لسندات الحكومة الايطالية كبير،لكن يبقى ذلك "قطرة في دلو" أمام مشاكل الديون السيادية الايطالية. وأن حل أزمة الديون السيادية الايطالية ومنطقة اليورو برمتها يتطلب تعاونا عالميا.
احتمال شراء الصين لسندات الحكومة الايطالية كبير
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية يوم 13 سبتمبر الحالي، أن الحكومة الايطالية طلبت من الصينيين المساعدة لحل أزمة ديونها.وأن ايطاليا تأمل في أن تنفذ الصين مشتريات "كبيرة" من الدين الايطالي، والاستثمار في ايطاليا على نطاق واسع من اجل مساعدة ايطاليا للخروج من الأزمة المالية في اقرب وقت ممكن. وأضافت الصحيفة، أن زيارة لو جيوي رئيس مؤسسة الاستثمار الصينية مع وفد كبير إلى روما الأسبوع الماضي من المحتمل أن تكون للاستثمار في الصناعات الإستراتيجية في ايطاليا. حيث أن وزير المالية الإيطالي جيوليو تريمونتي قد اجتمع مع ممثلي المؤسسات الاستثمارية الصينية في شهر أغسطس هذا العام في بكين.
ومن جانبها،أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو في مؤتمر صحفي دوري يوم 13 سبتمبر الحالي أن الصين تؤكد مجددا ثقتها في الاقتصاد الاوروبى واليورو ، و أن أوروبا ستبقى واحدة من اكبر أسواق الاستثمارات الخارجية للصين . وأضافت جيانغ أن التسوية الملائمة لمشكلات الديون السيادية الأوروبية ذات أهمية حيوية في الحفاظ على تنمية عالمية مستقرة للمال والتجارة ، وكذا للاقتصاد العالمي .وقالت ايضا: " إننا ندعم جهود الدول الأوروبية لمعالجة أزمة الدين ، ونعتقد بأنها ستعزز التنسيق ، وتتخذ إجراءات جماعية للمعالجة الملائمة للقضايا ذات الصلة ".وتأمل الصين في توسيع التعاون مع دول الاتحاد الاوروبى في مجالات التجارة والمال والاستثمار من اجل التصدي للتحديات معا. وفي نفس الوقت، تأمل الصين من دول الاتحاد الاوروبى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان امن وسلامة الاستثمارات الصينية في أوروبا .
ويعتقد شي جين يانغ، أن احتمال شراء الصين لسندات الحكومة الايطالية كبير.من ناحية، يعتبر احتياطي الصين من النقد الأجنبي هائلا يتطلب ﺸﺮاء نسبة من أﺻﻮل ﻣﻘﻮﻣﺔ باليورو، وشراء سندات الحكومة الايطالية واليونانية وغيرها من البلدان وفقا لخط ديون تلك الدول وتماشيا مع هيكل احتياطي العملات الأجنبية للصين، ومن ناحية أخرى، مساعدة الصين لحل أزمة الديون التي تعاني منها الدول الأوربية يعكس التزام الصين بالمسؤولية الاجتماعية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تميل معظم احتياطات العملات الأجنبية للصين إلى الاستثمارات الطويلة الأجل،وأن تقلبات الأسعار على المدى القصير هو في حدود قدرات الصين الداخلية تماما. في حين أن شراء سندات طويلة الأجل في منطقة اليورو هو أيضا دليل ثقة الصين في منطقة اليورو.
ويرى محللون في مجال الصناعة المصرفية أنه من وجهة نظر استثمارية أن سعر السندات المنخفض جدا و ارتفاع معدل العائدات غير مسبوق في ايطاليا فرصة استثمارية جيدة.
الاعتماد على الصين فقط غير واقعي
بيد أن شي جين يانغ يعتقد أن الصين قد توافق على شراء عدد قليل من سندات الحكومة الايطالية. ويعتقد المحللون أيضا أن الاستثمارات الصينية في الخارج ينبغي أن تستند على معايير السلامة أولا،في حين أن أزمة الديون الحالية في منطقة اليورو تتجه في اتجاه سلبي،و تزايد خطر السندات التي تصدرها بلدان منطقة اليورو تدريجيا.لذلك، فإنه مهما كان غرض شراء الصين لسندات الحكومة الايطالية يبقى شراء عدد كبير من هذه السندات في هذا الوقت غير مناسب.
إن إصدار الحكومة الايطالية سندات بقيمة 7 مليارات يورو ليست مثالية، كما ترتفع نسبة عائدات السندات لمدة 5 سنوات إلى أعلى مستوى لها منذ ظهور اليورو. حيث ستحقق السندات السيادية التي تنتهي في سبتمبر 2016 و المقدرة بـ 3.865 مليار يورو نسبة أرباح 5.6%، و ستحقق السندات (BTP) الإيطالية التي تنتهي في أغسطس 2018 والمقدرة بـ 688 مليون نسبة أرباح 5.59%، أما السندات (BTP) الإيطالية التي تنتهي في فبراير2020 والمقدرة بـ 740 مليون يورو فستحقق نسبة أرباح 5.49%،و و ستحقق السندات (BTP) الإيطالية التي تنتهي في سبتمبر 2020 والمقدرة بـ 1.192 مليار يورو نسبة أرباح 5.47%.
قالت يونابارك كبيرة استراتيجي العملات في "كوميرتسبنك" في فرانكفورت،انه لا يمكن تصور نتائج مزاد بيع السندات الإيطالية جيدة. وحتى لو كانت طلبات السندات جيدة،لا يزال من الصعب أن تجمع الخزانة الايطالية المزيد من رأس المال، لذلك يمكننا أن نرى أن اليورو قد يقع تحت ضغوط متزايدة مقابل الدولار.
إننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الصين سوف تشتري سندات الحكومة الايطالية، لكن آمال ايطاليا في أن استثمار الصين في شراء سنداتها سوف يعالج أزمة ديونها هو غير واقعي. وحتى لو أن الحكومة الصينية اشترت سندات حكومات هذه البلدان، فإن الدور الذي تلعبه سوف يكون محدودا، وقد يكون مجرد معنى رمزي . وقال شي جين يانغ أن التعاون الدولي الواسع النطاق أساس حل مشاكل الديون في أي بلد من منطقة اليورو.