ألعاب الفيديو..بين الترفيه والقانون الدولي الإنساني
تعتقد اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن للقانون الدولي الإنساني مكانا في ألعاب الفيديو. فقد أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر عن اهتمامها بالآثار المترتبة على ألعاب الفيديو التي تحاكي حالات حرب حقيقية والفرص التي تتيحها هذه الألعاب لنشر المعرفة بقانون النزاعات المسلحة.
التفاصيل في تقرير بسمة البغال:
الأطفال والكبار في جميع أنحاء العالم متيّمون بهذا النوع من "الألعاب الحربية" المخصصة للترفيه..
حيث يشن ملايين الأشخاص كل يوم في جميع أنحاء العالم، حربا افتراضية من خلال ألعاب الفيديو، وينجذب لتلك الألعاب الأطفال والبالغون بما في ذلك الجنود، خاصة تلك التي تصور الواقع الافتراضي للحرب والتي يصعب تمييزها عن ميدان المعركة الحقيقي.
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، فعلى الرغم من أن أهداف تلك الألعاب ترفيهية، ألا أن بعضها يصور عمليات اللجوء للتعذيب، والهجمات المتعمدة على المدنيين، وقتل السجناء أو الجرحى، والهجمات على العاملين الطبيين والمراكز ووسائل النقل الطبية مثل سيارات الإسعاف، فضلا عن قتل أي شخص في ساحة المعركة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الاستهانة بالانتهاكات الجسيمة لقانون النزاعات المسلحة، وأن يتم اعتبار مثل تلك الأعمال غير المشروعة سلوكا مقبولا في نهاية المطاف، كما يقول برنارد باريت من اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
" لاحظنا أن هناك العديد من ألعاب الفيديو التي تمثل تجارب مماثلة لحرب حقيقية، وهي جدا واقعية ومن الصعب التمييز في كثير من الأحيان بين الحرب الحقيقية ولعبة الفيديو".
ونتيجة لذلك، تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع مطوري ألعاب الفيديو بهدف دمج قواعد الحرب الدولية وفقا لاتفاقيات جنيف، ولكن في نفس الوقت ليس في نية اللجنة ازالة المتعة التي تأتي مع ألعاب الفيديو، ولكنها ترغب أن يجرب اللاعبون نفس المعضلات كجنود في حرب حقيقية:
برنارد باريت :
"نريد من العالم أن يفهم أن حتى الحرب لها حدود، وما الذي يجب عمله.. وحتى يستوعب الأشخاص هذا فهي خطوة كبيرة إلى الأمام. من الطبيعي أن يتم اطلاق النار، ولكن يمكن التقليل من بعض الأفعال المعينة. مع مرور الوقت أصبح الأشخاص يعتقدون أن من الطبيعي أن يتم تعذيب السجناء، ومن الطبيعي اطلاق النار على سيارات الإسعاف، وهذا طبعا ليس من المفروض، وهذا ما نحاول أن نغرسه في الأشخاص سواء أصبحوا جنودا في المستقبل أو من عامة الشعب، فقد يضعون ضغوطا على صانعي القرار".
ولا ينصب اهتمام اللجنة الدولية على جميع ألعاب الفيديو، بل على تلك التي تحاكي حالات النزاع المسلحة التي تحدث على أرض الواقع وثمة ألعاب من بينها من تصميم وانتاج نفس الشركات التي تصمم مشاهد تحاكي ساحات القتال وتستخدم في تدريب القوات المسلحة.
ولكن ما هي وجهة نظر مطوري ألعاب الفيديو تجاه تدخل اللجنة في صناعة تلك الألعاب؟ يقول إيفان بوشتان، مدير الإبتكار في بوهيميا إنتراكتيف:
"عندما علمت أن المنظمة الدولية للصليب الأحمر تود أن تقدم المشورة حول القانون الإنساني الدولي، كان انطباعي الأول الشعور بالابتهاج حيث سنتعلم شيئا جديدا، وقد ندخله في ألعاب الفيديو لتصبح أكثر واقعية"
وتقترح اللجنة الدولية أن تشتمل هذه الألعاب على الآثار الافتراضية المترتبة على أفعال الأشخاص وقراراتهم كما هي الحال في واقع الحياة. حيث ينبغي أن يكافأ اللاعبون لاحترامهم قانون النزاعات المسلحة، وأن يتم معاقبتهم افتراضيا اذا ارتكبوا أية انتهاكات جسيمة لقانون النزاعات المسلحة أو بعبارة أخرى لارتكاب جرائم حرب:
برنارد باريت:
"لا نريد أن نقول إن ألعاب الفيديو لا يجب أن تتضمن مثل تلك الأمور، ولكن نعتقد أنه يجب أن يكون هناك عواقب ايجابية أو سلبية اذا اتبع الأشخاص القواعد أو لم يتبعوا القواعد. ولكننا لا نقول أنه يجب اخراج هذا الأمر من اللعبة. نحن لا نريد أن نفرض رقابة على ألعاب الفيديو، نود أن نرى ألعاب الفيديو تندمج مع قواعد الحرب واحترام القانون الإنساني أو عواقب افتراضية اذا تم اختراق القانون، وذلك لجعلها أكثر واقعية".
وتعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ألعاب الفيديو ذات طابع مبتكر غير مسبوق وهي على عكس وسائل الإعلام التقليدية مثل الأفلام، تتطلب لاعبين لاتخاذ قرارات فعلية كاللجوء أو الإحجام عن استخدام القوة على سبيل المثال، لذا تعمل اللجنة مع القائمين على صناعة ألعاب الفيديو من أجل بحث المساحة المخصصة للقواعد الإنسانية في تلك الألعاب،
فرنسوا سنيشو، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يقول:
"لا يمكن لمن يلعبون تلك الألعاب بشكل يومي ولعدة ساعات، أن لا يتعلموا من تلك التجربة، فهم يعيدون نفس الأفعال. نحن نعلم أيضا أنه حتى العاملين في الجيش حينما يودن التسلية يلعبون تلك الألعاب. نحن بهذا لا نخاطب فقط الأشخاص المدنيين أو خارج ساحة المعركة، نحن نخاطب، من خلال تلك الألعاب، مقاتلي المستقبل والمشرعين وصناع القرار أو من هم في ساحة القتال".
وقد أثبت الارتفاع الكبير لنسبة مبيعات المنتجات الجديدة التي تضمنت القانون الإنساني الدولي، أن إدراج قانون النزاعات المسلحة لا يؤثر سلبًا على النجاح التجاري الذي تحققه الألعاب.