طلاب غزة يستأنفون العام الدراسي في ظل حصار واكتظاظ وحاويات معدنية
لا يزال الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة يلقي بظلاله على عملية التعليم الأضخم التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) والتي يتلقى من خلالها مائتان واثنان وعشرون ألف طالب تعليمهم الأساسي والإعدادي في أكثر من مئتين وأربعين مدرسة موزعة على مختلف مناطق القطاع.
التفاصيل في تقرير مراسلتنا في غزة علا ياسين.
الظروف القاسية أجبرت المنظمة الدولية على شراء عشرات الحاويات الحديدية وتوزيعها على المدارس كفصول دراسية في ظل عجزها عن بناء مئات الفصول الجديدة لاستيعاب آلاف الطلاب الجدد.
وفي زيارة لإحدى المدارس التابعة للاونروا، تكدست عشرات الطالبات الصغيرات في احدى الحاويات الحارة صيفا والباردة شتاءا فيما بدا المنظر العام وكأن الفلسطينيين يعودون عشرات السنين إلى الوراء فيما يعترف العالم بانتهاء هذه الظاهرة منذ زمن.
ناظرة المدرسة فلورندا مصلح تقول لإذاعة الأمم المتحدة إن أجواء التدريس في الحاويات غير مقبولة وغير مريحة، وتجعل من الصعب على المعلمة أن تؤدي واجبها في إيصال المادة التعليمية بصورة جيدة فالعقل والفكر مشغولان بالحرارة الشديدة حيث ينتظر الجميع انتهاء الحصة الدراسية للخروج من هذا الجحيم وخاصة في ظل الاجواء شديدة الحرارة التي تسود قطاع غزة هذا العام.
وأضافت “حاليا الفصل حار جدا فالطلاب يعانون من الحر الشديد داخل الفصل، اضافة إلى ان غرفة الكونتينر، مساحتها اصغر بكثير من مساحة الغرفة الصفية العادية، هذا الامر يجعل الطلاب مكتظين ومزدحمين، وهذا الأمر يؤثر اكيد على مستوى التحصيل عندهم، اضافة إلى ان زيادة العدد في الصف تؤدي إلى نوع من الفوضى وعدم الاستقرار للطالب فنفسية الطالب لا تكون مرتاحة كطالب آخر يجلس في فصل دراسي عادي“
وأشارت مصلح إلى أن المشكلة لديهم معقدة، فعوضا عن الحاويات الحديدية، يستخدمون اسلوب الفصل الدوار حيث لا مكان لفصل دراسي، ويتم تدويره على كافة فصول المدرسة يوميا ما يفقد الطالب والمدرس احساسه بالاستقرار والأمان التعليمي.
وحذرت مصلح من أن الحاويات المعدينة غير آمنة للطالبات خاصة أنهن طالبات صغيرات السن، يندفعن بسرعة تجاه الابواب الحديدية بارزة الاطراف حسب قولها
“لأن الطلاب في هذه المرحلة بين 6 سنوات إلى 10 سنوات يتحركون كثيرا وبسرعة فممكن أن يندفع الطالب بسرعة ناحية باب الحديد فيؤذي الباب وجهه، كما أن بعض الاطراف للأبواب الحديدية واضحة، أصبحنا نخاف كثير وننبه من خلال المرشدة النفسية أن يبتعدوا عنها حتى لا تقع حوادث داخل المدرسة“
أما المعلمة عبير، فقد أخبرت اذاعة الامم المتحدة أنها وزميلاتها المعلمات يشعرن بأسى شديد جراء الازدحام الكبير في الفصول الدراسية وبالذات فصول الحاويات المعدنية وعجزهن عن ايصال المادة التعليمية وإفهام الطالبات المناهج كما يجب.
واضافت “إنها بيئة فيزيقية غير مناسبة وغير صالحة للتعليم من ناحية الانارة والتهوية وتحركات الطلاب وتحركات المدرس، ليست بيئة صالحة للتعليم نهائي، لكن هذا هو الوضع وعلينا أن نحتمله، ولكن نحن نجلس في اقفاص معدنية داخل سجن وليس فصل دراسي “
طالبات المدرسة أبدين تذمرا شديدا من الازدحام الشديد، خاصة تلك الطالبات اللاتي كانت الحاوية المعدنية من نصيبهن. وتقول الطالبة الصغيرة “سمر” انها لا تستطيع التركيز فيما تقوله المعلمة، موضحة أن أجواء الملل التي يصاحبها العرق والحر والتذمر تسيطر عليها وعلى صديقاتها.
“لا نستطيع ان ندرس والاجواء حارة، وهناك ازدحام، والفصل ضيق فنجلس على المقعد ثلاثة أو أربعة بجانب بعض، اشعر بملل واختناق ورأسي يوجعني“
من جانبه يقول المستشار الاعلامي للاونروا، عدنان ابو حسنة إن اعداد الطلبة لهذا العام هي الأكبر منذ إنشاء الاونروا مشيرا إلى أنهم اضطروا إلى استئجار مدارس من حكومة غزة يتم استخدامها في الفترة المسائية ، إضافة إلى شراء عشرات الحاويات الحديدية ووضعها كفصول دراسية مؤقتة.
“عدد هذه الحاويات حوالي 64 حاوية معدنية، نحن ندرك ان هذه الحاويات غير مناسبة ولكن نحن مضطرون إلى ذلك، نأمل في أن تنتهي هذه المشكلة مع بداية العام، هناك مشاريع ضخمة لبناء حوالي 100 مدرسة نأمل في العام الدراسي 2012 -2013 نتمكن من بناء 51 مدرسة جديدة“
وقال إنه بالرغم من سماح اسرائيل بدخول بعض مواد البناء للاونروا، إلا أن هذه المواد لا تدخل بطريقة جيدة تتناسب مع حجم الزيادات والمتطلبات للاونروا، وأضاف:
“حجم ما أدخلته اسرائيل هو فقط 16 في المائة من المشاريع التي وافقت عليها لذلك نحن بحاجة ان تدخل هذه المواد بشكل اكبر واوسع حتى نتمكن من تفادي هذه المشكلة وغيرها من المشاكل“
وأوضح أن الاونروا تدرك ان الحاويات المعدنية لا تؤدي وظيفة إنسانية على المستوى المطلوب، وظروفها البيئية قاسية، موضحا ان هناك عمليات بناء كبيرة تتم لمدارس عديدة في مختلف مناطق قطاع غزة.
واعرب عن أمله في أن تتمكن الوكالة خلال الاعوام الثلاثة القادمة، من بناء مائة مدرسة للتغلب على مشكلة الاكتظاظ وتحسين جودة التعليم والخدمات.
علا ياسين / اذاعة الامم المتحدة / قطاع غزة