إليزابيث هوف: لا يوجد حل إنساني أو عسكري للأزمة السورية بل الحل سياسي
قالت إليزابيث هوف، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، إن المؤشرات الصحية في سوريا كانت من بين الأفضل في منطقة الشرق الأوسط. أما الآن وبعد الأزمة، ظهرت أمراض كانت قد اختفت منذ زمن بما فيها شلل الأطفال والأمراض المنقولة عبر المياه.
وفي حديث مع مي يعقوب من إذاعة الأمم المتحدة، تحدثت هوف عما يتطلبه الأمر لوضع حد للأزمة السورية.
المزيد في الحوار التالي:
إذاعة الأمم المتحدة : سيدة هوف، أزمة سوريا تدخل عامها الخامس. إذا أردنا أن نقارن الوضع الصحي في سوريا ما بين عامي 2011 و 2015، كيف يمكنكِ تلخيص ذلك؟
إليزابيث هوف: شكرا جزيلا لكِ على دعوتك لمنظمة الصحة العالمية لهذه المناقشة وأيضا لاهتمامكِ في عمل المنظمة.
أعتقد أنكِ سترين مما سأضعه قدما أن هناك فرقا كبيرا بعد تداعيات أربع سنوات من الصراع الضاري على نظام الرعاية الصحية بشكل خاص. قبل الأزمة السورية التي بدأت في مارس عام 2011، كانت لدى سوريا واحدا من أفضل المؤشرات الصحية في منطقة الشرق الأوسط. ووفقا لبيانات وزارة الصحة السورية، جرى تحول وبائي من الأمراض المعدية إلى الأمراض غير المعدية. حيث كانت الأمراض غير المعدية سببا لحوالي 77٪ من الوفيات. بينما اليوم نحن نعرف أن أكثر من 200 ألف شخص قتلوا منذ بدء الحرب وأكثر من مليون شخص أصيبوا بجروح نتيجة للأزمة.
المؤشرات الأخرى التي يمكن أن ننظر إليها بين الأمس واليوم هو أنه قبل الأزمة كانت لدينا تغطية عالية جدا من التطعيم (أكثر من 90٪)، واليوم انخفضت التغطية في نهاية عام 2014 إلى حوالي 50 و 60٪. كانت سوريا خالية من شلل الأطفال لأكثر من عقدين، ولكن شلل الأطفال عاد وظهر في البلاد في عام 2013. وبفضل جهود جميع العاملين في مجال الصحة في جميع أنحاء البلاد، تمكنا من التخلص من فيروس شلل الأطفال، والحالة الأخيرة التي ظهرت كانت في يناير/ كانون الثاني عام 2014. عند مقارنة الوضع قبل وبعد هذه الأزمة، نلاحظ عودة الأمراض التي تنقلها المياه بشكل مرتفع. كانت هناك تغطية ممتازة للمياه والصرف الصحي في سوريا، ولكن اليوم الوضع المياه يوازي حوالي 1/3 مما كان عليه قبل الأزمة. لذلك فإن الوضع مقلق إلى حد ما.
وثمة مسألة أخرى وهي المرافق الصحية: فحوالي 57٪ من المستشفيات تعمل بشكل جزئي أو لا تعمل على الإطلاق. بعض المحافظات متأثرة بشكل كبير من الأزمة ومستشفياتها لا تعمل بسبب تدميرها. والمحافظات الأكثر تضررا هي حلب، وريف دمشق، ودير الزور ودرعا.
إذاعة الأمم المتحدة : ماذا عن موارد منظمة الصحة العالمية؟ كيف تتعاملون مع حجم الأزمة؟
إليزابيث هوف: يجب أن أشكر المانحين الذين يدعموننا بسخاء في الواقع. وهنا أود أن أذكر الكويت. وسيقام مؤتمر المانحين القادم في الكويت في ال 31 من مارس، وقد دعم الكويت بسخاء التدخلات الصحية في سوريا، ولكن أيضا الجهات المانحة التقليدية، لذلك تمكنا من الصمود. ولكن في الحقيقة في البداية لم يتأثر القطاع الصحي بشكل كبير ولكن بعد أربع سنوات على الأزمة نحن نتحدث الآن عن وضع أكثر خطورة . وهناك أزمة محتملة حول صعوبة جمع الموارد. وتطلب منظمة الصحة العالمية لعام 2015 116 مليون دولار، أو 182 مليون دولار مع إضافة شركائنا في مجال الرعاية الصحية . هذا فقط للصحة، ولكن هناك أيضا الغذاء الذي يحتاجه السكان. هنا أفهم وضع المانحين، فهي بالنسبة لهم ليست مسألة تعب لكن تكلفة كبيرة خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي يواجهها العالم اليوم، وتعد أزمة سوريا الأكثر تعقيدا والأطول أمدا، ويقولون إنه ربما هي أكبر أزمة في التاريخ، ونحن لا نرى نهاية لها في الوقت الراهن.
إذاعة الأمم المتحدة : سيدة هوف ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء هذه الأزمة؟
إليزابيث هوف: أنت تعرفين هناك الآن حملة بالاشتراك مع رؤساء جميع وكالات الأمم المتحدة الذين يسألون "ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء الأزمة". من الواضح أنه لا يوجد حل إنساني لهذه الأزمة، والحل لا يكمن أيضا على المستوى العسكري. ما هو مهم جدا هو إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة. أنا لست محللة سياسية ولكن ما هو واضح تماما أهمية الحد من الخلافات بين الأطراف المختلفة وإيجاد حل في مصلحة الشعب السوري لأن الناس يعانون حقا ولدينا كل يوم ضحايا أكثر وأكثر. اليوم لدينا أكثر من 212 ألف شخص يجدون أنفسهم محاصرين دون مساعدات غذائية وصحية في المناطق المحاصرة التي لا يمكن الوصول إليها، ولدينا حوالي أربعة ملايين أيضا في المناطق التي يصعب الوصول إليها. إنهم يشعرون بهذه الأزمة على أجسادهم كل اليوم، ونحن نواجه صعوبات خطيرة حقا، لذلك علينا أن نجد حلا لمحاولة التخفيف من معاناة الشعب السوري.
شكرا إليزابيث هوف، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا.