غزة تولد من جديد
يخيل لمن يزور غزة أول مرة أنه إزاء منطقة تمتلئ إحباطا وكآبة، يعسكر المقاومون في كل جنباتها، ويعم الدمار أرجاءها، وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
معذور من ظن ذلك، فأخبار الحصار والحروب سبقت سواها من الأخبار وغطت عليها.
لكن سرعان ما يتبدد هذا الانطباع بمجرد أن يحط الزائر رحاله وينتقل إلى جهة غزة من معبر رفح، إذ تشده المفارقة الواضحة بين حالة المعبر في الجهة المصرية وحالته ونظافته وترتيبه وإضاءته في غزة.
لا أخفيكم أنني لم أتوقع أطفالا يلعبون في الطرقات والجنائن، ونساء وفتيات يسرن في الشوارع العامة، وأكثر منه لم أتوقع حياةً تتقد نشاطا ودأبا وحيوية.
مظاهر الاحتفاء والفرح تملأ الأرجاء، والأعراس بالعشرات يوميا، ولم يمر يوم من أيامي في غزة دون أن ألحظ مواكب الأعراس هنا وهناك.
الاحتفاء بالمقاومة
روح جديدة دبت في نفوس الغزيين عقب الحرب الأخيرة، هذا ما تسمعه من القاصي والداني هنا، ذلك أنهم يشعرون بالفخر والتقدير المتناهي لأداء المقاومة فيها.
يقول الصحفي الغزي أحمد فياض إن الناس هنا قبل الحرب كادوا يحبطون من المقاومة ومن "هدوئها القاتل وحجم عملياتها شبه المنعدم"، لكنهم بعد الحرب الأخيرة ردت إليهم الروح وأيقنوا أن المقاومة كانت تعد العدة لمثل هذه الحرب ولم تركن إلى الأرض.
وافقه زميله الصحفي محمد الأسطل الذي قال إن حالة الناس بعد الحرب الأخيرة على النقيض تماما من حالتهم بعد حرب عام 2009، "فقد كنا نسمع حينها تعليقا على المقاومة: دمرونا دمرهم الله.. ذبحونا ذبحهم الله. أما بعد الحرب الأخيرة فإنهم جميعا يقولون: الله يسلم المقاومة رفعت رأسنا ومرغت أنف إسرائيل في التراب". ومن الشاذ جدا أن تجد أحدا ينتقد المقاومة الآن وأصبحت محل إجماع كل الفلسطينيين ناهيك عن الغزيين.