تقرير: التعاون التجاري الصيني العربي يشهد نموا مستمرا
صحيفة الشعب اليومية – الصادرة يوم 14 مايو
إنبنى التعاون العربي الصيني على المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. ومنذ فترة طويلة، حافظ التعاون التجاري بين الصين والدول العربية على نمو صحي ومستقر، وجلب مصالح ملموسة لشعبي الجانبين.
وعلى امتداد السنوات الأخيرة، ورغم التحديات المزدوجة التي طرحتها الأزمة المالية والتغيرات الكبيرة في الأوضاع الإقليمية، حافظت التجارة الصينية العربية على نموها المطرد، وشهد نطاق الإستثمار الصيني العربي المتبادل توسعا مستمرا، حيث شهد التعاون في مجال البنية التحتية وغيرها من المجالات نموا جديدا.
أولا، النمو السريع للمبادلات التجارية
حافظت قيمة المبادلات التجارية الصينية العربية خلال الـ 5 سنوات الأخيرة على نسق نمو مرتفع، حيث قارب متوسط النمو السنوي 30%. وفي سنة 2011 ناهزت قيمة المبادلات التجارية الصينية العربية 200 مليار دولار، مسجلة زيادة بـ 35% على أساس سنوي، ما مثل مستوى قياسيا جديدا في تاريخ التبادل بين الجانبين. وفي عام 2012 بلغت قيمة المبادلات التجارية بين الجانبين 222.4 مليار دولار، محققة زيادة بـ 14% على أساس سنوي، ومسجلة رقما قياسيا جديدا. وبلغت قيمة الصادرات الصينية إلى العالم العربي 91.3 مليار دولار، في حين بلغت وارداتها من العالم العربي 131.1 مليار دولار. حيث أصبح كل جانب يمثل شريكا تجاريا هاما بالنسبة للجانب الأخر. وتجذب الملابس، المنشآت الميكانيكية، السلع الإلكترونية، الآلات المنزلية، وسلع الإستعمال اليومي إهتماما كبيرا لدى المستهلكين العرب، كما أصبحت السيارات الصينية الصغيرة وسائل نقل للعديد من العائلات العربية. في ذات الوقت تشهد الصادرات العربية إلى الصين تنوعا مستمرا، حيث إضافة إلى النفط الخام والبيتروكيميا والأسمدة، نجد الرخام وزيت الزيتون والسمسم وغيرها من السلع التي بدأت تدخل الصين تدريجيا.
ثانيا، مواصلة دفع الإستثمارات في العالم العربي
مع النمو المستمر الذي شهده الإقتصاد الصيني خلال السنوات الأخيرة، تسارعت خطوات خروج الشركات الصينية، كما ارتفع نسق نمو الإستثمارات الصينية في العالم العربي. حيث بلغت قيمة الإستثمارات الصينية في العالم العربي 1.4 مليار دولار في العام 2012، محققة نمو بـ 120 % على أساس سنوي. وتوسعت نوعية الإستثمارات من الموارد الطبيعية، الصناعة الخفيفة، النسيج والملابس إلى صناعة المكنات وتجميع السيارات وغيرها من المجالات، التي دفعت تطور قطاعات التصنيع المحلية، ووفرت العديد من فرص العمل. واليوم هناك 34 شركة صينية تعمل في منطقة التعاون الإقتصادي والتجاري التي أسستها مجموعة تايدا بتيانجين بالتعاون مع صندوق التنمية الصيني الإفريقي في منطقة السويس المصرية، حيث تشغل هذه الشركات قرابة 1000 شخص، وتقدم دفعا قويا في تطوير قطاعات تجميع وحدات التنقيب على النفط والنسيج والملابس وغيرها من المجالات. وقد أسست مجموعة هاير في الأردن شركة ذات رأس مال مشترك، لإنتاج وبيع الآلات الكهرومنزلية، وتشغل أكثر من 800 عامل محلي، ويصل إلى إنتاجها السنوي إلى 100 ألف ثلاجة، 300 جهاز تلفاز و150 ألف غسالة.
ثالثا، إستمرار توسع الإستثمارات العربية في الصين
تولي الدول العربية أهمية كبرى للتعاون الإستثماري مع الصين، والدخول في شراكة مع الصين في المشاريع الكبرى والمؤثرة، مثل قيام شركة أرامكو السعودية بشراء أسهم في مشروع الإندماج لشركة فوجيان للبتروكيميا، ومشاركة الشركة السعودية للصناعات الأساسية في مشروع الإثيلين الكبير بتيانجين، ومشاركة الشركة التونسية في بناء مشروع تشينغهواداو للأسمدة، إلخ. وتشمل الإستثمارات العربية في الصين أساسا مجالات النفط والتجارة والخدمات اللوجيستية وصناعة المكنات وغيرها من المجالات. وفي عام 2012 بلغت قيمة الإستثمار الحقيقي 230 مليون دولار، مسجلة زيادة بـ 77%. من جهة أخرى، قامت العديد من الأجهزة المالية في دول الخليج العربية بشراء كميات كبيرة من أسهم الأجهزة المالية والشركات الصينية في سوق هونغ كونغ، حيث حصلت صناديق الإستثمار السيادي في كل من قطر والكويت على قرابة مليار دولار من قيمة إستثمار المخصصة للمستثمرين الإعتباريين الأجانب المؤهلين.
رابعا، نجاعة التعاون في مجال البنية التحتية
مع النسق السريع الذي يشهده تطور البنية التحتية في الدول العربية، أصبحت هناك المزيد من الشركات الصينية التي تشارك بإيجابية في هذا المجال، حيث تسهم في دفع التنمية الإقتصادية والإجتماعية في الدول العربية. وفي الوقت الحالي، فاقت قيمة مشاريع الإنشاء التي أنجزتها الشركات الصينية في العالم العربي 100 مليار دولار، كما شهدت مجالات مشاريع الإنشاء توسعا تدريجيا، حيث تطورت من بناء المساكن والجسور والطرقات إلى خطوط أنابيب النفط والسكك الحديدية والموانئ ومواد البناء وغيرها من المجالات، وتسجل هذه المشاريع إرتفاعا مستمرا في المحتوى التكنولوجي. وفي الوقت الحالي دخلت العديد من المشاريع التي تم إنجازها قيد الإستغلال، على غرار الطريق السريعة الرابطة بين غرب وشرق الجزائر، وسد مروي بالسودان، وخط إنتاج الإسمنت بالسعودية وغيرها من المشاريع الكبرى والهامة، التي تلعب دورا هاما في التنمية الإجتماعية والإقتصادية بهذه الدول.
خامسا، آفاق التعاون المستقبلي الصيني العربي
تنتمي الصين والدول العربية إلى الدول النامية، ويسعيان جميعا إلى تعزيز بنيتهما الإقتصادية. حيث تعمل الصين في الوقت الحالي على دفع تحويل نمط التنمية الإقتصادية، وتأسيس "اقتصاد صيني عال المستوى". في ذات الوقت تسعى العديد من الدول العربية في الوقت الحالي إلى إجراء إصلاحات وتعديلات من أجل الحصول على تنمية أفضل. ولأن الصين والعالم العربي يتواجدان في مرحلة تحويل ورفع نجاعة التنمية، فإن المصالح المشتركة والحاجيات المتبادلة بين الجانبين تتعدد بصفة مستمرة، حيث يظهر التكامل الواضح بين مميزات الجانبين في عوامل الموارد،السوق،العلوم،التكنولوجيا، الإدارة، والكفاءات، إلخ. وسيواصل الجانبان تعزيز وتعميق التعاون في التجارة والإستثمار والمشاريع. كما ستشهد قطاعات الخدمات، الزراعة، الصناعة الحلال، المالية، الإمدادات، الطاقة المتجددة، والإقتصاد في الطاقة وحماية البيئة وغيرها مزيدا من التعاون بين الجانبين في المستقبل. وبالتطلع إلى مستقبل العلاقات، فإن من المؤكد أن التعاون الودي ومتبادل المنفعة بين الصين والعالم العربي سيشهد تطورا على نطاق أوسع وأكثر تنوعا وأعلى جودة.